-->

بسم الله والصلاة والسلام على من بعث رحمة للعالمين

اخر المواضيع

الاطلاع على الرسم العقاري وغائية الترسيم



dourouby.tn

 


الاطلاع على الرسم العقاري وغائية الترسيم



dourouby

 


الاطلاع على الرسم العقاري وغائية الترسيم

                                                               بقلم عبد الرزاق العلوي 
محرر للعقود بالديوان الوطني 
للملكية العقارية بسوسة


 

يكاد يكون هناك شبه إجماع بين رجال القانون والمهتمين بالشأن العقاري بأن المادة العقارية مادة صعبة نظرا لصبغتها التقنية من حيث المصطلحات المعتمدة والمبادئ التي تقوم عليها. وتصبح الأمور أكثر تعقيدا في ظل نظام قانوني للعقار في تونس ميزته التشعب وعدم الانسجام إلى حد التناقض أحيانا. من ذلك أننا نجد عقارات مسجلة وأخرى غير مسجلة.

وفي إطار العقارات المسجلة  أي تلك التي لها رسوم عقارية ويفترض أنها عنصر من عناصر التنمية  الاقتصادية نجد أن هناك رسوم عقارية توصف من طرف المشر ع بكونها مجمدة وبأن الترسيم العقار ي فيها هو وسيلة للاحتجاج على الغير  لا لنشأة الحق مقابل رسوم أخرى خاضعة لمبدأ المفعول المنشئ للترسيم أي أن الحق العيني الغير مرسم فيها يعتبر كأنه غير موجود فهو لا ينشأ بالتقاء إرادة الأطراف المتعاقدة واتفاقها على بنود العقد، وإنما بترسيم ذلك العقد بالسجل العقار ي، وهذه التفرقة أقر ها القانون عدد 30 لسنة 1998 والمؤرخ في 20 أفر يل 1998 والذي حاول المشرع من خلاله وضع حد  لمعضلة الرسوم المجمدة التي تواصلت حتى مع بعث اللجان الجهوية لتحيين الرسوم العقارية وتخليصها من الجمود وذلك بمقتضى القانون عدد 39 لسنة 1992 المؤرخ  في 27 أفريل 1992 والتي تواصل عملها إلى حدود صدور القانون عدد 34 لسنة 2001 المتعلق بتحيين الر سوم العقارية والذي أسند بمقتضاه المشرع مهمة تحيين الرسوم العقارية إلى المحكمة العقارية بهيكليها قاضي السجل العقاري ودائرة الرسوم المجمدة بعد أن ثبت فشل التجربة الإدارية في التحيين بشهادة المختصين (انظر كتاب التجربة التونسية لتحيين الرسوم العقارية وتخليصها من الجهود للقاضي جعفر الربعاوي).

هذه الصعوبة جعلت من التعامل على الرسم العقاري مهمة ليست بالهينة  وليست في متناول أي كان، هذا الأمر تفطن له المشرع عندما اتضح له أن من بين أسباب جمود الر سوم العقارية هو أن تحرير الصكوك والاتفاقات القابلة للترسيم فيها تتم من قبل أشخاص لا علاقة لهم بالسجل العقاري وليست لهم الدراية والإلمام بالقواعد القانونية وبمبادئ وإجراءات الترسيم، لذلك أسند المشرع مهمة التحرير إلى ثلاث هياكل:

المحامي غير المتمرن

عدل الإشهاد

ومحرري العقود بإدارية الملكية العقارية

واعتبر ان الصكوك والاتفاقات المحررة من غير هؤلاء باطلة بطلانا مطلقا وذلك مع اقراره باستثناءات على وجه الحصر وذلك بخصوص العقود التي تبرمها الدولة والجماعات المحلية  والرهون التي تبرمها المؤسسات البنكية والمالية وعقود التسويغ وعقود تجديده وكذلك كتائب رفع اليد، وذلك طبقا لأحكام الفصل 377 م.ح.ع مكرر الذي أضيف بمقتضى القانون عدد 46 لسنة 1992 والمؤرخ في 04 ماي 1992 وحتى يضفي النجاعة  على تلك الهياكل أوكل لهم المشرع واجبات في صورة الإخلال بها   يتحملون المسؤولية القانونية باعتبار أن التزامهم إنما هو بتحقيق نتيجة لا ببذل عناية ومن بين الواجبات التي أردت التوقف  عندها هو واجب الإطلاع على الر سم العقاري باعتباره من السهل الممتنع الذي يغفل عنه المتعاملون مع الرسم العقاري.

والاطلاع اسم مصدره فعل اطلع وإطلاع الشخص على الشيء إعلامه به.

والاطلاع على الرسم العقار ي هو عملية غائية تهدف إلى جمع المعلومات  المتعلقة بالحق موضوع التعامل وبمالك ذلك الحق وبالحالة القانونية عموما للرسم العقاري بغاية تحرير صك أو اتفاق قابل للترسيم.

ونظرا لأهمية هذا الموضوع فإنه يفضل أن يتم الاطلاع على الر سم العقار ي من طرف محرر العقد مباشرة لدى الديوان الوطني للملكية العقارية أو عبر شبكة الأنترنات ولا ان يقوم به بواسطة كما يفضل أن ينص بمحرراته على عدد وصل الإطلاع وتاريخه وإلا فلا معنى لواجب ليس هناك ما يثبت الاضطلاع به وتكمن أهمية ذاك خاصة عند تحديد المسؤوليات  .

ما ألجأني إلى الكتابة في هذا الموضوع هو  أنه ولئن كانت أزمة السجل العقاري هي وجه من أوجهها قبل سنة 1992 تتمثل في تحرير الصكوك والاتفاقات من طرف كل من هبّ ودبّ ودون حتى الرجوع أصلا إلى الرسم العقاري.

فإن من بين أسباب رفض ملفات الترسيم اليوم هو أن الإطلاع على الرسم العقاري قد أصبح أمرا ثانويا يتم بواسطة كاتب  عدل الإشهاد أو المحامي أو أحيانا  عبر الحريف وأحيانا أخرى يكتفي محرر العقد بالاطلاع على شهادة الملكية ثم يتفاجأ برفض الترسيم وما يعنيه ذلك من كلفة ومن خسارة  للوقت وأحيانا خسارة حتى للحق  خصوصا إذا ما تعلق الأمر بالتعامل على رسوم عقارية خاضعة لمبدأ المفعول المنشئ للترسيم أي أن كل حق عيني لا يتكون إلا بترسيمه بالسجل العقاري وابتداء من تاريخ ذلك الترسيم (الفصل 305 م.ح.ع).

سأحاول من خلال هذه الدراسة المتواضعة وفي مبحث أول الإجابة عن التساؤل: ما المقصود بالاطلاع على الرسم العقاري؟ثم وفي مبحث ثان بيان أن الإطلاع على الرسم العقاري وعلى أهميته ليس كاف لوحده بل هناك واجبات أخرى يتعين على محر ر العقد احترامها حتى يضمن ترسيم الحق موضوع العقد، ونتحدث هنا عن التنصيصات الوجوبية في العقد القابل للترسيم. 


 

المبحث الأول: ما المقصود بالاطلاع على الر سم العقاري؟

إن الغاية التي دفعت بالمشرع التونسي إلى تقنين عملية تحرير الصكوك والاتفاقات الخاضعة للترسيم بالسجل العقاري هو إيجاد حل جذري لمعضلة الرسوم المجمدة أي تلك الرسوم التي لا تتطابق حالتها القانونية مع حالتها الواقعية أو المعتبرة كذلك قانونا، وعليه فإن إسناد تلك المهمة إلى هياكل التحرير المذكورة أعلاه ينبع من الشعور بما لهؤلاء من تكوين معرفي يجعلهم ملمين بالمصطلحات القانونية وبمبادئ الشهر العيني.

ولكن الملاحظ للوضع القانوني للعقارات المسجلة بتونس يلاحظ أن ظاهرة الرسوم المجمدة لا تزال مستفحلة وهذا يعود حسب رأيي إلى  إهمال واجب الإطلاع  على الرسم العقاري كمرحلة تحضيرية مهمة ومحددة لتحرير الصكوك من عدمها.

ورد بالفصل 377  ثالثا م.ح.ع أنه " يجب على  محرر الصكوك الخاضعة للترسيم بالسجل العقاري:

أولا: أن يعتمد في التحرير على ما تبنته بيانات الرسم العقاري (والتي نستشفها قطعا عبر الإطلاع على الرسم العقار ي).

ثانيا: أن يستند في التحرير إلى المعطيات الواردة بأنموذج يضبط بأمر (هذا الأمر لم يصدر إلى اليوم، من جهتها أعدت إدارة الملكية العقارية أنموذجا خاصا بها انطلق اعتماده منذ سنة 1999).

ثالثا: أن ينص بالصك على أنه اطلع على  الرسم العقاري وأشعر الأطراف بحالته القانونية وبعدم وجود أي مانع قانوني للتحرير.

ما يستفاد من هذا الفصل أن الإطلاع على  الرسم العقاري يمكن المتعامل عليه من التعرف على المعطيات الاستحقاقية والحالة القانونية للرسم العقاري(أ) والوقوف على موانع الترسيم إن وجدت باعتبارها المحددة في اتخاذ قرار  بتحرير العقد من عدمه (ب).

لكن وقبل الخوض في التفاصيل لابد لنا من التوقف  عند مفهوم مركزي وهو ما المقصود عمليا بلفظ الرسم العقار ي المضمنة بالفصل 377 ثالثا المذكور.

في البداية أريد أن أنبه محرري العقد والمتعاملين على الرسم العقاري عموما بأن الرسم العقاري ليس هو بشهادة الملكية التي ماهي إلا خلاصة للرسم العقاري وبأن شهادة الاشتراك في الملكية لا تعني أن المالك قد خرج من حالة الشيوع.

فالرسم العقاري المعنى حقيقة هو كما قال القاضي جعفر الربعاوي في كتابه "التجربة التونسية لتحيين الرسوم العقارية وتخليصها من الجمود" هو شبيه بمضمون ولادة الشخص الطبيعي إذ نجد في الصفحة الأولى لهذا السجل العيني اسم العقار و موقعه وعدد الرسم العقاري ومساحته وعدد القطع المتكونة منه وكيفية ولادته أو احداثه سواء تنفيذا لحكم عقاري في مادة التسجيل الاختياري أو حكم عقاري في مادة التسجيل الاجباري وعدد الحكم وتاريخه وتاريخ إقامة الرسم العقاري قبل ان تختم هذه التنصيصات بإمضاء محررها ثم يقع التنصيص على كل عملية عقارية جديدة في إطار يومية جديدة وتحت عدد وتاريخ ومجلد جدد".

dourouby

أ-الإطلاع يمكن من التعرف على  المعطيات الاستحقاقية والحالة القانونية للرسم العقاري

هناك مهمتان رئيسيتان يتولاهما محرر العقود، مرحلة مكتبية استقرائية هدفها الوقوف على إرادة المتعاقدين المحتملين وذلك من خلال ما يتوفر لديه من وثائق ومن معطيات يصرح بها طالب الخدمة لديه.

ومرحلة أخرى تتعلق بالاطلاع على الرسم العقاري وذلك حتى تتكون لديه فكرة شاملة يقرر  على إثرها إما قبول تحرير الصك أو الاتفاق  وإما رفضه وإشعار الأطراف بذلك.

فمن خلال الإطلاع على الرسم العقاري يمكن الوقوف على هوية المالك كاملة سواء أكان شخصا طبيعيا أم شخصا معنويا ومعرفة حدود ملكيته إن كان مالكا لجميع العقار أو لمنابات شائعة مع ضرورة تحديدها كالوقوف على طبيعة العقار سكني أو فلاحي أم له صبغة أخرى وما لذلك من تأثير في نوعية الوثائق المستوجبة، كذلك معرفة انجرار الملكية نظرا لأثر ذاك على مستوى الأداءات الجبائية طبقا لأحكام الفصل 20 من مجلة التسجيل والطابع الجبائي.

أحيانا يتفطن محرر العقد إلى عدم إدراج الصك سند انجرار ملكية صاحب الحق كعدم إدراج وفاة مورثه أو عقد البيع أو الهبة مما يتعين معه الر جوع للحريف ومطالبته بتسوية وضعيته قبل تحرير العقد. في بعض الأحيان تكون نسبة التملك غير واضحة وغير محددة مما يتعين معه إعداد فريض ة أو كتب  تحديد منابات بحسب الحالة.

الإطلاع على الرسم العقاري يمكن من التعرف على النظام القانوني المنطبق على العقار كخضوعه لإجراء السند  وما يتطلبه ذلك من ضرورة الإدلاء به قبل عملية التحرير والترسيم في بعض الأحيان وبالاطلاع على الرسم العقاري يتضح تسرب خطأ إداري للترسيم، في هذه الحالة على محرر العقد إشعار الإدارة بضرورة إصلاح ذلك الخطأ قبل تحريره للعقد.

كما أنه بالاطلاع على الرسم العقاري يتسنى لمحرر العقد الوقوف على الحالة القانونية الراهنة للعقار المعني بالطلب كمعرفة الالتزامات والتحملات الموظفة على الحق موضوع التعامل المستقبلي كالرهون والامتيازات، كما يمكنه من التعرف على الترسيمات الاحتياطية كالقيود الاحتياطية للدعاوى على معنى أحكام الفصل 365 م.ح.ع والتي رغم أنها ليست من موانع الترسيم إلا أنها تؤثر على الحقوق المرسمة مستقبلا ذلك أنه من شأن الحكم في موضوع الدعوى المرسمة احتياطيا التشطيب على الترسيمات اللاحقة لإشهارالقيد الاحتياطي طبقا لأحكام الفصل 370 م.ح.ع. وعلى  محرر العقد إشعار الأطراف بمثل هذه الترسيمات حتى يكونوا على بينة من أمرهم.

كذلك فإن الاطلاع على الرسم العقاري يمكن من معرفة ما إذا كان الحق المتعامل عليه يخضع لنظام الاشتراك في الاملاك بين الزوجين على معنى احكام القانون 1998 أم لا. ولن يتم ذلك إلا بالرجوع إلى طبيعة العقار وتاريخ الزواج وتاريخ اكتساب الملكية وهي معطيات لا يمكن ان نجدها مثلا بشهادة الملكية.

ب-الإطلاع على الرسم العقاري يمكّن من معرفة  موانع الترسيم إن وجدت

ورد بالفصل 377 ثالثا على محرر الصكوك الخاضعة  للترسيم بالسجل العقاري

ثالثا: أن ينص على أنه اطلع على الرسم العقاري وأشعر الأطراف بحالته القانونية (وهو ما تعرضنا له بالمبحث الأول) وبعدم وجود أي مانع قانوني للتحرير. 

انطلاقا مما ورد بهذا الفصل فإن الموانع المعتد بها هي الموانع القانونية فلا مانع مبدئيا دون نص من القانون.

سوف لن أتعمق كثيرا في تفاصيل هذه الموانع وسأكتفي بسردها باعتبار  أن كل مانع يستحق دراسته لوحدها

من بين هذه الموانع القانونية نذكر:

الفصل 328 م م م  ت الذي ورد فيه أنه "لا يجوز ابتداء من تاريخ ترسيم الاعتراض التحفظي ترسيم أي تفويت غير البيع الواقع إثر عقلة عقارية أو أي رهن اختياري وغيره من الحقوق العينية أو أية وصية أو أي عقد تسويغ".

مع إقرار استثناءات لهذا المنع كترسيم القيود الاحتياطية للدعاوى وعقود المغارسة بصريح الفصل 369 م.ح.ع

-الفصل 453 م م م ت ينص على أنه "لا يمكن أن يجرى على العقار أثناء التتبعات أي ترسيم جديد يخص المدين المعقول عنه.   "

الفصل 13 من القانون عدد 34 لسنة 2001 المتعلق بتحيين الرسوم العقارية ينص على أنه " لا يجوز لإدارة الملكية العقارية ابتداء من تاريخ التنصيص على مضمون مطلب التحيين مباشرة أية عملية في موضوعه..."

هناك بعض الموانع الأخرى ذات طبيعة خاصة وأتحدث هنا عن تجميد الرسوم العقارية من ذلك مثلا ما نص عليه الفصل 45 من القانون عدد 26 لسنة 2015 المتعلق بمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال من أنه " يمكن لقاضي التحقيق من تلقاء  نفسه أو بطلب من النيابة العمومية الاذن بتجميد المكاسب المنقولة والعقارية الراجعة لذوي الشبهة"

كذلك ما تضمنه الفصل 5 من المرسوم عدد 13 لسنة 2011 المتعلق بالمصادرة والذي يجيز للجنة المصادرة اتخاذ جميع التدابير التي من شأنها حفظ مكاسب ذوي الشبهة بما في ذلك تجميد الرسوم العقارية.

كذلك فإن للمحكمة العقارية إمكانية الإذن بتجميد نشاط رسم عقاري ريثما تنظر في مطلب إصلاح مقدم إليها وذلك خشية تعقد الوضعية الاستحقاقية كما أنه لحافظ الملكية العقارية باعتباره الماسك للسجل العقاري اتخاذ تدابير وقتية كتعطيل نشاط الرسم حتى يتمكن من التثبت من الوضعية الاستحقاقية للرسم العقار ي وحصر  مالكيه ولكن في أغلب الأحيان فإنه يستند في ذلك إلى طلب من الجهات القضائية والإدارية المختصة.

في إطار الحديث عن واجب الإطلاع على الرسم العقاري لا يفوتني التنبيه إلى أهمية  الإطلاع على جدول العمليات العقارية المتعلقة بالرسم العقاري المعني بالطلب وذلك  حتى قبل الإطلاع على الرسم نفسه وذلك للوقوف على آخر العمليات المنسوخة وإلى المطلع  الانتباه إلى الملفات المودعة والتي هي بصدد الدراسة  ولم يتخذ بشأنها قرار بعد أو العمليات المقبولة  والتي لم يقع نسخها بالرسم العقاري وهنا يتعين طلب نسخة طبق الأصل من الرسم العقاري باعتبار أن النسخة المجردة لا تتضمن بالضرورة جميع العمليات العقارية.

كما يمكّن الاطلاع على جدول العمليات العقارية من التفطن إلى الملفات التي تكون نتيجتها محالة إلى العرائض أو محال إلى المركزية أو إلى المحكمة العقارية وهنا يتعين مراجعة مصلحة العرائض والتقارير للاطلاع على تلك الملفات وعن أسباب إحالتها وعن مدى علاقتها بالعقد المزمع تحريره. 

وأسباب الإحالة هنا متعددة كتفطن الإدارة مثلا إلى خطأ  في ترسيم يتطلب إصلاحه على معنى أحكام الفصل 391 م.ح.ع أو الإحالة إلى الإدارة المركزية للاستشارة بخصوص نقطة قانونية أو غموض في قاعدة قانونية تحتمل الجدل والنقاش وغير ذلك من الحالات.

مثل هذه الوضعيات وغيرها لن يجدها محرر  العقود بمجرد اطلاعه على شهادة الملكية التي ولئن كانت صادرة عن الادارة فإنها قد تتضمن كذلك أخطاء على مستوى الرقن مما يوقع محرر العقد في الخطأ ويرفض تبعا لذلك مطلب ترسيمه.

إن الإطلاع على الرسم العقاري رغم تهميشه حتى من طرف المشرع نفسه الذي كان عليه التنصيص صراحة "على محرر العقد الإطلاع على الرسم العقاري كما عليه التنصيص على عدد وصل الإطلاع صلب محرراته" لا أن يطالبه بالتنصيص على أنه اطلع على الرسم العقاري والحال أنه لم يتولى عملية الإطلاع أصلا.

إن الإطلاع على الرسم العقاري مرحلة تحضيرية مهمة جدا قبل اتخاذ قرار بتحرير صك أو اتفاق من عدمه فهو يمكن كما قلت من معرفة الوضعية الاستحقاقية والحالة القانونية للرسم العقاري كما يمكن من الاطلاع على موانع الترسيم إن وجدت وهو ما يسمح لمحرر العقد بمقارنة تلك المعطيات مع ما يدلي به أطراف العقد من وثائق ومع إرادتهم المراد تضمينها صلب الصك المزمع تحريره.

ولكن هذا غير كاف بل على محرر العقد في تحريره للعقد أو الاتفاق احترام مجموعة من الضوابط القانونية حتى يضمن ترسيمه من بعد ذلك.

المبحث الثاني: التنصيصات الوجوبية الواجب توفرها في العقد الخاضع للترسيم بالسجل العقار ي

dourouby

بالرجوع إلى أحكام الفصلين 377 م.ح.ع و377 ثالثا م.ح.ع نلحظ أن المشرع التونسي ألزم محرر الصك أو الاتفاق القابل للإدراج بالسجل العقاري بالتنصيص على  جملة من البيانات منها ما يتعلق بأطراف العقد وبموضوع الصك المقدم للترسيم (فقرة اولى) ومنها ما يتعلق بمحرر العقد (فقرة ثانية) إضافة إلى واجبات أخرى (فقرة ثالثة).

فقرة أولى: التنصيصات الوجوبية المتعلقة بأطراف العقد وبموضوع الصك المقدم للترسيم

هذه التنصيصات تعرض لها بكل دقة الفصل 377 م.ح.ع حيث ورد فيما يتعلق بأطراف الصك ما يلي: 

بالنسبة للشخص الطبيعي هويته كما وردت بمضمون حالته المدنية أو ببطاقة التعريف الوطنية وحرفته ومقره وجنسيته.

بمعنى أنه على محرر العقد التنصيص على أسماء وألقاب أطراف العقد ويفضل أن ينص على الاسم الثلاثي أي الاسم واسم الأب واللقب العائلي، كالتنصيص  على تاريخ ولادة كل طرف، وهنا على محرر العقد أن ينتبه إلى تلك البيانات والمقارنة بينها وبين ما وقع التنصيص عليه من معطيات بالسجل العقاري فأحيانا تتضح له وضعيات عدم تطابق بين ماهو مضمن بمضمون الولادة وبين ماهو مضمن بالرسم العقاري ويجب عليه التثبت من   مصدر  الخطأ فإن كان الخطأ بالرسم العقاري فهنا يتجه التفرقة بين الوضعيات التالية وذلك بحسب انجرار الملكية فمثلا لو كان الخطأ مرده حكم التسجيل فإنه لابد من استصدار قرار إصلاح في شأنه من لدن المحكمة العقارية المصدرة له، وإن كان الخطأ مرده حجة الوفاة المرسمة فإنه في هذه الحالة لابد من إصلاح حجة الوفاة طبق ماهو صحيح وإن كان مضمون ولادة المعني بالأمر يتضمن قرار إصلاح لاحق لتاريخ انجرار الملكية فهنا يتجه إيداع المطلب لدى مصلحة الشبابيك بالديوان الوطني للملكية العقارية وتأمين المعاليم المستوجبة قانونا، أما إذا كان الخطأ مرده صك اتفاقي كعقد بيع أو هبة فإنه يتجه هنا الإدلاء بكتب تكميلي تام الموجبات القانونية يتداخل فيه جميع أطراف العقد يقع فيه إصلاح الخطأ المذكور.

وإن اتضح أن الخطأ إداري فإنه على محرر العقد إشعار الإدارة بذلك قصد الإصلاح وذلك قبل تحريره للعقد  المراد ترسيمه.

فعلى محرر العقد عدم إهمال أي تنصيص ورد ذكره صراحة بالفصل 377 م.ح.ع فالتنصيص على جنسية الأطراف مهما للغاية ولها أثاره القانونية خاصة إذا ما تعلق الأمر  بالتعاقد مع أجنبي سواء أكان مالكا أو  مستفيدا من الترسيم مستقبلا، كما أن التنصيص على  الحرفة لها أهميتها من ذلك مثلا ما ورد بالفصل 567 م.إ.ع والمتعلق بالقضاة وكتاب المحاكم والعدول والمحامون ووكلاء الخصوم ومأمورو الدولة الذين لا يجوز لهم أن يشتروا باسمهم أو باسم غير هم شيئا من الأموال أو الحقوق أو الديون المأمورون ببيعها..

أما بالنسبة للشخص المعنوي فإنه على محرر العقد التنصيص على اسمه ومقره الإجتماعي والشكل القانوني وجنسيته واسم ولقب وتاريخ ولادة ممثله القانوني وعدد الترسيم بالسجل الوطني للمؤسسات إن كان شركة وعدد التأشيرة القانونية وكل بيان آخر يسهل التعرف عليه إن كان جمعية.

 فعلى محرر العقد أن يقارن بين البيانات المضمنة  بالرسم العقاري وبين تلك المتوفرة لديه من الأطراف إن كان الأمر يتعلق بمالك الحق المرسم أما بخصوص المستفيد من الترسم والذي سيدرج حقه بمناسبة العقد المحرر فإنه  يجب إقامة مقارنة بين الوثائق المقدمة من طرفه والمطابقة فيما بينها وفي صورة ما إذا تبين له عدم تطابق في الهوية مثلا بين ما ورد  ببطاقة التعريف وبين ما ورد بمضمون الولادة فإنه يتعين اشعار المتعاقد بذلك قصد تسوية وضعيته قبل تحرير الصك.

أما بخصوص موضوع الصك المقدم للترسيم فإنه على محرر العقد أن ينص بكل وضوح على اسم العقار و مساحته ومحتواه وعدد القطع الخاصة  والمشتركة المكونة له إذا كان مجزءا ونسب الملكية إذ كان مشاعا كالتنصيص على معرف الر سم العقاري وعدد سند الملكية إن وجد كالانتباه إلى التحملات والارتفاقات الموظفة على  الحق المتعامل عليه.

فلا يجوز مثلا التصريح صلب بند من بنود العقد بأن العقار خال من كل تحمل والحال أن منابات المالك المعني موظف عليها رهن لم يقع التشطيب عليه.

إن صياغة موضوع العقد يتحدد عبر أمرين، ما يريده الأطراف بمجلس العقد وبين ماهو موجود من بيانات بالرسم العقاري دون تفلسف أو تعقيد، فالعقد المراد إبرامه لابد أن يترجم إرادة الطرفين وشريعتهما (الفصل 242 م.إ.ع) وذلك في علاقة بما لديهم من حقوق مرسمة بالسجل العقار ي فلا يمكن التعامل على ما أكثر  مما لديهم من حقوق كما لا يمكن الخروج عن النظام القانوني المنظم للرسم العقاري المعني بالتعاقد، فلا يجوز مثلا بيع مالك لقطعة مفرزة والحال أنه يملكها مع الغير على الشياع دون ان يكون قد تميز بها بمقتضى مقاسمة قضائية او رضائية فالرسم العقاري هو إذن المبتدأ وهو الخبر. وكلما كانت عبارات الصك المقدم للترسيم بسيطة وتتضمن جميع التنصيصات الوجوبية كلما كانت فرص رفضها منعدمة.

فقرة ثانية: التنصيصات المتعلقة بمحرر العقد

ورت هذه التنصيصات بالفصل 377 ثالثا من م.ح.ع وتتمثل أساسا في هوية محرر العقد أي اسمه ولقبه ومهنته وعدد بطاقة تعريفه الوطنية فإن كان المحرر محاميا فعليه أن ير فق اسمه بعبارة المحامي لدى الاستئناف او لدى التعقيب. إلى جانب  إمضائه وختمه وإضافة طابع المحاماة على الصك طبقا لأحكام الفصل 1 من الامر المؤرخ في 22 ماي 1993 المتعلق بضبط طابع المحاماة والمنقح بالقانون عدد 359  المؤرخ في 11 فيفري 2008.

وإذا كان المحرر عموميا أي منتمي إلى سلك محرري العقود بإدارة الملكية العقارية فإنه توجد في العقد الأنموذج المعتمد لديهم فصلا يتعلق بمحرر  العقد.

أما اذا كان العقد محرر من طرف عدل الاشهاد فإنه يمضي العقد وينص في اسفله على دائرة المحكمة المنتصب بها كإمضاء جليسه.

فقرة ثالثة: واجبات أخرى

إن التزامات محرر العقد لا تقف عند تحرير العقد على النحو المبين قانونا فحسب وإنما هو مطالب بتحقيق نتيجة ألا وهي ترسيم العقد ومد الحريف بشهادة ملكية.

وهو ما عبر عنه الفصل 377 ثالثا م.ح.ع  في النقطة الخامسة منه بالقول:  "ويقوم بالإجراءات اللازمة للترسيم".

من ذلك تسجيل  الصك لدى القباضة المالية على نفقة متحملها وايداع الملف بإدارة الملكية العقارية مع الحرص على أن يكون الصك مرفقا بجميع الوثائق والمؤيدات الخاصة لعملية التعاقد كرخصة الوالي او التوكيل في حالة التعاقد بالنيابة والامثلة الهندسية وكل وثيقة يتطلبها الترسيم.

إن جزاء الاخلال بتلك الواجبات القانونية المضمنة بالفصول 377 م.ح.ع و377 ثالثا يترتب عنها عدم ترسيم الصك بالسجل العقاري باعتبار انه واستنادا لأحكام الفصل 306 م.ح.ع فإن اعوان الديوان الوطني للملكية العقارية المكلفون بدراسة الملفات مباشرة التحقيقات التي تفتضيها مجلة الحقوق العينية بما في ذلك مراقبة مدى احترام الصك المقدم للترسيم للتنصيصات الوجوبية  المضمنة بمجلة الحقوق العينية ويتخذ قرار برفض الملف إذا ما تبين له وجود إخلالات بالعقد. وهي تحقيقات تصب في جوهر مبدأ الشرعية المكرس بالفصول 306 م.ح.ع و389 م.ح.ع و390 م.ح.ع.

وحيث استقر فقه القضاء التو نسي على  ان الاخلال بالتنصيصات  الوجوبية في العقد القابل للترسيم لا يترتب عنه إلغاؤه أو بطلانه عملا بالقاعدة القانونية "لا بطلان دون نص قانوني" وإنما هو أساس قانوني لقيام مسؤولية محرر العقد تجاه أطرافه حيث ورد بالقرار التعقيبي عدد 07/12258 بتاريخ 05 نوفمبر 2007 أنه "إذا تعلق الأمر بالقيام بالإجراءات والاسترشاد ممن له النظر عن موضوع العملية المطلوبة منه كتحرير الصكوك والاتفاقات الناقلة للملكية وغيرها فإن التزام المحامي باحترام الشكليات القانونية ويجب أن تكون عنايته شديد ة ويقظته حازمة لأنه يكون مسؤولا ومطالبا بتحقيق نتيجة إذ أن الأمر لا يتطلب إي اجتهاد. وبخصوص المحرر العمومي فإن الإدارة تتحمل تبعات أخطائه باستثناء  الفاحشة منها. 

وقد يجتهد محرر الصك في تطبيق جميع الموجبات القانونية  ومع ذلك قد يجابه برفض ملفه، في هذه الحالة يمكنه  التظلم لدى الإدارة عبر اعداد مكتوب تقع فيه مناقشة أسباب الرفض بأسانيد قانونية ويمكن للإدارة إذا ما ارتأت أن هناك تعسف في رفض الملف وان هناك وجاهة في اسانيد العارض  فإنها تقضي بإعادة ايداع الملف وتجاوز أسباب رفضه الملف، وإذا ما كان جوابها هو التمسك بأسباب الرفض المثارة فإن الفصل 388 م ح ع  يتيح للعارض امكانية الطعن في قرار حافظ الملكية العقارية في أجل شهر من تاريخ اعلامه بقرار الرفض او بعد أربعة اشهر في حالة سكوت الادارة عن الاجابة 

                                         "لكل عمل إذا ما تم نقصان"

 

dourouby

dourouby

 

dourouby

 

dourouby

 

dourouby.tn

ليست هناك تعليقات

-- --