-->

بسم الله والصلاة والسلام على من بعث رحمة للعالمين

اخر المواضيع

خواطر حول الدور الإستشاري لإدارة الملكية العقارية



dourouby.tn

خواطر حول الدور الإستشاري لإدارة الملكية العقارية



 خواطر حول الدور الإستشاري لإدارة الملكية العقارية

            بقلم عبد الرزاق العلوي 
محرر للعقود بالديوان الوطني 
للملكية العقارية بسوسة



من المتعارف عليه أن المهام الرئيسية لإدارة الملكية العقارية ( والتي أصبحت تسمى الديوان الوطني للملكية العقارية تبعا لتغيير صبغتها إلى منشأة عمومية بمقتضى الأمر عدد 758 المؤرخ في 19 أوت 2021 ولكن هذا التغيير لم ينسحب على النصوص القانونية المنظمة للعقارات المسجلة كمجلة الحقوق العينية ومجلة الإجراءات المدنية والتجارية..الخ) تتركز حول أربع وظائف رئيسية وهي :

- وظيفة الترسيم 

-وظيفة تحرير العقود

-الوظيفة الإشهارية 

 - وحفظ الوثائق المدلى بها للترسيم 

ولكن إضافة إلى ذلك فإن لإدارة الملكية العقارية دورا أخر لا يقل أهمية عما ذكر ونادرا ما يقع الحديث عنه وهو الدور الإستشاري والذي يتلخص في إبداء الرأي في بعض المساءل القانونية ذات العلاقة بالعقار المسجل وذلك بطلب من القضاء العام أو بطلب من المحكمة العقارية ، او من طرف المتعاملين مع الإدارة.

 1/المساءل التي تبدي الإدارة رأيها فيها:

 هنا وبالرجوع إلى النصوص القانونية المنظمة للمادة العقارية عموما في علاقة بالدور الإستشاري نلحظ أن المشرع التونسي تعرض صراحة إلى هذا الدور في ثلاث مناسبات: 

أ/  الفصل 367 م ح ع الذي ينص على أنه :" قيد الدعاوى قيدا إحتياطبا لا يجري إلا بإذن يصدره رئيس المحكمة الإبتدائية بمكان العقار بناء على عريضة تحال على مدير الملكية العقارية لإبداء رأيه فيها " ماهي الدعاوي المعنية بهذا الفصل والتي يتعين على مدير إدارة الملكية العقاريه إبداء رأيه فيها ، لمعرفة ذلك لابد من العودة إلى نص الفصل 365م ح ع الذي حدد لذلك ثلاث صور :

- الدعاوي الرامية إلى إستصدار حكم ببطلان الحقوق العينية المرسمة أو إبطالها أو فسخها أو الرجوع فيها أو إدخال تعديلات على الترسيمات.... بمعنى تلك الدعاوي التي تمس من الحقوق المرسمة ..فلا يمكن أن توافق الإدارة مثلا على قيد دعوى تتعلق مثلا بإبطال هبة أو بيع غير مرسم ..او يكون أن يكون موضوع الدعوى يتعلق بالشفعة في بيع لم يقع إدراجه بعد هنا سيكون رأي الإدارة هورفض المطلب ، كذلك بخصوص الشكايات الجزائية التي لا ترتقي أحيانا إلى مرتبة الدعوى القضائية كأن يكون مآلها  الحفظ إضافة إلى ذلك فإنه ليس من شأن الحكم في الدعوى الجزائية المس بالحقوق المرسمة على معنى الفقرة الأولى من الفصل 365 م ح ع.

- الدعاوي الرامية إلى ترسيم جميع الأعمال التي تقتضي التفويت في عقار أو التخصيص به : من ذلك مثلا الدعاوى الإستحقاقية كدعوى القسمة التي ترمي في النهاية إلى التخصص بقطعة مفرزة والخروج من حالة الشيوع على معنى الفصل 71 م ح ع  ..كذلك الدعاوي المتعلقة بإلزام الضد بإبرام كتب تكميلي لعقد بيع تعذر ترسيمه إداريا وغير ذلك من الصور ..بالنسبة لهذه الدعاوى فإن موقف الإدارة يتحدد من خلال ما إذا كان المعروض ضده مالكا أم لا ..فلا يمكن القبول بدعوى تتعلق بإتمام بيع والحال أن البائع غير مالك بالرسم العقاري .  في هذا الصدد أود أن أشير إلى أن لفظ التخصيص الوارد بالفقرة الثانية لا يحيل إلى الدعوى المرفوعة أمام المحكمة العقارية والرامية كذلك إلى التخصص بعقار في إطار التحيين  وفقا لأحكام القانون عدد 34 لسنة 2001 المتعلق بتحيين الرسوم العقارية لأن تلك الدعاوى لها نظامها الخاص على مستوى الإشهار والإجراءات وغيرها.

 - طرق الطعن غير الإعتيادية في الأحكام المرسمة: يقصد هنا بطرق الطعن غير الإعتيادية هي الدعاوى التعقيبية وكذلك دعوى إلتماس إعادة النظر ..

 المشرع هنا إشترط لقيد تلك الدعاوى إحتياطيا ضرورة المبادرة بترسيم الأحكام المطعون فيها وهذا منطقي بإعتبار أن التعقيب مثلا لا يوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه ، ويبقى التساءل هنا قائما بخصوص الصورة التي يكون فيها الحكم المطعون فيه سلبيا كأن يقضي الحكم الإستئنافي بعدم سماع الدعوى .. هنا الإدارة عادة ما تفوض لرئيس المحكمة إمكانية ضرب القيد الإحتياطي للدعوى المذكورة بالرغم من  عدم ترسيم الحكم المطعون فيه . 

في الصور المتقدم ذكرها فإن الإدارات الجهوية للملكية العقارية هي من تتولى إبداء الرأى في الدعاوى المراد قيدها إحتياطيا بدليل عبارة " مدير الملكية العقارية "الوارد ذكرها بالفصل 367 م ح ع. 

ب/الفصل 388 م ح : هذا الفصل يتعلق بالطعون المرفوعة ضد قرارات حافظ الملكية العقارية القاضية برفض الترسيم أو تأجيله حيث ورد بالفصل المذكور :" وتبت المحكمة العقارية في الطعن بعد أخذ رأي إدارة الملكية العقارية ..." ولئن لم يحدد الفصل المذكور ما إذا كان إبداء الرأي يتم على مستوى جهوي أم مركزي .. وبالرغم من عدم وجود أي مانع قانوني من أن تكون الإجابة صادرة عن الادارة الجهوية مرجع نظر المحكمة العقارية المتعهدة بالطعن فإن المعمول به واقعا هو أن الإجابات المتعلقة بإبداء الرأى في الطعون تصدر عن الإدارة المركزية للملكية العقارية وهذا حسب رأيي ولئن كان فيه تكريس لمركزية القرار فإن فيه ضمانة لحقوق المتقاضي بإعتبار أن الإدارة المركزية شبيهة بمحكمة التعقيب وهي الساعية لتوحيد الأراء في المساءل القانونية بين الإدارات الجهوية ، وعليه تقتصر دور الإدارة الجهوية على إحالة عريضة الطعن للإدارة المركزية وفتح ملف قيد إحتياطي بالرسم العقاري المعني إن طلب منها ذلك. علما وأنه وقبل اللجوء إلى الطعن فإن بإمكان المتعامل مع الإدارة مباشرة حقه في التظلم ضد قرار الرفض إداريا وذلك  بإيداع مطلب في الغرض بمكتب الضبط وتقع إعادة دراسة الملف وأحيانا يقع تجاوز أسباب الرفض إن رأى السيد المدير الجهوي أن في قرار الرفض نوع من الإجحاف أو سوء تطبيق للقاغدة القانونية مما يجنب الحريف التقاضي لدى المحكمة العقارية المختصة . 

ج/ الفصل 17 من القانون عدد 34 لسنة 2001 والمؤرخ في 10 أفريل 2001: 

ورد بالفصل المذكور ما يلي : "تجري دائرة الرسوم المجمدة وقاضي السجل العقاري التخليصات اللازمة ويأذن كل فيما يخصه بما يراه من الوسائل التحضيرية كالإختبار والبحث والتوجه على العين وأخذ رأي إدارة الملكية العقارية .." دور الإدارة الجهوية مثلما هو الأمر بالنسبة للطعن في قرار حافظ الملكية العقارية يتمثل في إحالة  الطلب على أنظار الإدارة المركزية التي تتعهد بإجابة المحكمة العقارية المعنية .

 إن تعهد إدارة الملكية العقارية بإبداء الرأي في الصور المتقدم ذكرها سنده نصوص قانونية التي لو إن لم تحدد جزاء الإخلال بشكلية الإحالة لإبداء الرأي خصوصا فيما يتعلق بالفصلين 367 م ح ع و الفصل 388 م ح ع فإني أرى أن شكلية الإحالة وجوبية ولكن رأي الإدارة لا يلزم القاضي ضرورة خصوصا وإن موضوع الرأي المقدم من الادارة عادة ما يكتفي ببيان الوضعية الإستحقاقية والمادية للعقار و الموانع القانونية إن وجدت ..

 على العموم فإن ما يجمع بين المسائل التي تبدي الإدارة فيها إنها كلها تستند إلى نص قانوني واضح العبارة وهنا أريد أن أشير إلى أنه وفي بعض الحالات ترد على الإدارات إحالات من محاكم الحق العام هدفها طلب إبداء الرأي في مسائل بخصوص ترسيم قيد إحتياطي لوعد البيع ، فهذه الصورة ليست معنية بإبداء الرأى بصريح الفصلين 367 م ح ع و365 م ح ع وكذلك صورة طلب الرأي بخصوص التشطيب على قيد إحتياطي لدعوى منشورة او قيد إحتياطي لمغارسة والحال أن الفصل 371 م ح ع  قد ورد واضح العبارة : " لرئيس المحكمة الإبتدائية التي بدائرتها العقار أن يصدر إذنا على عريضة بالتشطيب على القيود الإحتياطية المتعلقة بالدعاوي وعقود المغارسة ." فالأمر إذن موكول للسلطة التقديرية لرئيس المحكمة الإبتدائية دون سواه وهومن بإمكانه إصدار الإذن بالتشطيب دون حاجة للرجوع لإدارة الملكية العقارية . 

إضافة إلى المسائل المذكورة أعلاه و والتي  يتوجب على الإدارة إبداء رأيها فيها بموجب القانون يفرض ة فإنه توجد حالات أخرى لإبداء الرأى جرى العمل بها دون أن تكون مستندة إلى نص واضح الدلالة.

2/ مسائل أخرى تبدى الإدارة رأيها فيها وهي لا تسند إلى نص قانوني :

 أول تلك المسائل ما ورد بالفصل 327 م م م ت الذي ورد بفقرته الثانية بأنه :" والدائنون الذين ليس بأيديهم سند تنفيذي أو سند مرسم او الذين لم يحل أجل أداء دينهم يمكن لهم ان يطلبوا ترسيم إعتراض تحفظي على عقارات مدينهم المسجلة بعد تحصيلهم على إذن في ذلك من رئيس المحكمة الإبتدائية الراجع لدائرتها مقر المدين حسب الشروط الواردة بالفقرتين الثانية والثالثة من الفصل 322." لا يوجد في هذا الفصل ولا وفي غيره من الفصول المنظمة للإعتراض التحفظي ما يشير إلى شكلية إحالة الأمر على إدارة الملكية العقارية ولكن في الواقع فإن طلب إبداء الرأي بخصوص ترسيم الإعتراضات التحفظية تكاد تكون يومية وأحيانا تستند حتى على أحكام الفقرة الأولى من الفصل 327 م م م ت والتي تتيح للمدين إمكانية إنذار المدين مباشرة دون حاجة لإذن قضائي وذلك متى كان بحوزته سند تنفيذي أو دين مرسم إضافة إلى ذلك فإن الفصل 322 م م م ت قد أعطى لرئيس المحكمة الإبتدائية الكائن بدائرتها المدين كل السلطة التقديرية في إصدار الإذن من عدمه بعد التثبت أن للدين المطلوب أساس من حيث الأصل وإن إستخلاصه بات مهددا بالخطر ولو كان مؤجلا أو معلقا على شرط  . ولكن جرت العادة أن تبين الادارة للمحكمة الوضعية الإستحقاقية والحالة القانونية للرسم العقاري المعني بالإعتراض وتفوض لجناب رئيس المحكمة إجراء ما يراه صالحا أو أن ترفض ذلك عند وجود مانع قانوني  وهذا لعمري يدخل في إطار التعامل والتواصل بين الإدارة وهياكل القضاء . 

الحالة الثانية والتي لا تستند إلى أي نص قانوني هي : إبداء الرأي بخصوص مطالب إدماج قطع تابعة لرسم عقاري بطلب من خبراء المساحة ..وهي عملية تقنية لا دخل للإدارة فيها لذلك ولئن كانت بعض الإدارات تبدي رأيها في ذلك فإن المنطقي هو أن يستخرج الخبير شهادة ملكية او نسخة من الرسم العقاري للوقوف على حالته القانونية دون حاجة لرأي الإدارة .

 ثالث تلك الحالات هي العرائض الواردة من طرف المحكمة العقارية  عبر مكتب الضبط والتي تهدف إلى معرفة رأي الإدارة بخصوص ترسيم بعض الصكوك من عدمها ..هنا فان الإجابة ستكون أن الإدارة لا تتولى الدراسة المسبقة لإيداع الملفات ..خاصة وإن ذلك  مرتبط بأداء معاليم مسبقة .. بعضهم يسعى إلى ذلك لإستصدار قرار إداري بالرفض للقيام بمطلب تحيين والحال إنه لا يوجد نص قانوني يفرض إستصدار ذلك القرار كإجراء أولي لتعهد المحكمة العقارية بهيكليها قاضي السجل العقاري أو دائرة الرسوم المجمدة. 

في الختام ، أريد أن أشيرإلى أن هذه الدراسة تستند إلى مواقف شخصية قابلة للنقد كما إنها مشوبة لا محالة بالنقص ..

ولكل عمل إذا ما تم نقصان.

dourouby.tn

ليست هناك تعليقات

-- --