-->

بسم الله والصلاة والسلام على من بعث رحمة للعالمين

اخر المواضيع

ترسيم الحق بين إكراهات المرفق العام وإستعارة "قبعة" القضاء : مطالب التحيين نموذجا



dourouby.tn

 


ترسيم الحق بين إكراهات المرفق العام وإستعارة "قبعة" القضاء                   chapeau/casquette  judiciaire  : 
مطالب التحيين نموذجا


عبد الجليل بن عائشة
متفقد مركزي بإدارة الملكية العقارية 
رئيس مصلحة عرائض المحامين وعدول الإشهاد بادارة الملكية العقارية نابل



 

     بدءا لا نتحدث عن الإكراه بمفهومه المتداول والمعروف وحتى بمفهومه القانوني ، فهو في كلتا الحالتين  مدان اجتماعيا ومعأقب عليه قانونيا ، موجب للعقاب جزائيا وسبب من أسباب البطلان في القانون المدني وفق شروط معينة 

هذا السياق ينطبق ظاهرا في مسأله إكراهات المرفق العام ، فالمقصود هنا وبالذات  مجمل الواجبات المحمولة على الدولة في ضمان وحماية حقوق منظوريها من منطلق صلاحيات السلطة العامة والوسائل الشرعية والمشروعة التي تتمتع بها في إنفاذ القوانين والتراتيب الجاري بها العمل فالقاعدة القانونية قاعدة  عامة ومجردة وتنطبق على الكافة بغض النظر عن ذوات الأشخاص وصفاتهم وتتأتى صفة المرفق العام من كل ما يمكن أن يكون محل حق بما يخول لصاحبه صلاحيات 

- الاستعمال  

- والاستغلال 

- والتصرف 

وفي المقابل تمارس الدولة التي تتمظهر في أشكال التصرف التي تظهر في كل ما هو عام  وملك مشاع بالمعنى اللفظي للكلمة لا العقاري فسيادة الدولة وكيانها يرتكز على أسس ثلاثة :

 - تراب   territoire 

- سلطة  pouvoir

شعب peuple  

dourouby.tn

 

وكأننا بصدد الحديث عن ركن من الأركان الجوهرية للعقد بحيث يكون العقد باطلا اذا خلا عن ركن من اركانه الجوهرية بل يكون العقد "ساقطا" caduc اي "هو والعدم سيانوعليه فلا دولة اذا خلت من احد مكوناتها الجوهرية 

بدون تراب  

أو سلطة 

أو شعب 

وعلى حد تعبير الجنرال ديغول " a quoi ca sert de Gouverner dans le noir" فسيادة الدولة تتمظهر في إلزام الكافة باحترام القوانين والتراتيب الجاري بها العمل في المقابل ضمان حقوق الكافة في ممارسة حقوقهم ومن واجبها ومحمول عليها أن تكون بلد الجميع لكن الحقوق ليست حقوقا هلامية كما الدولة ليست كذلك  فالحقوق تتعدد وتتمظهر فيما نص عليه دستور الدولة وقوانينها ووفق المواثيق والمعاهدات الدولية المصادق عليها فالحق ليس حقا "نصيا" وحبرا على ورق بل هو حق ملموس معيش الحق لا يكتسب ولا يمارس إلا وفق وبالقانون فاكراهات المرفق تتأتى من حق المواطن على الدولة في مطالبتها بممارسة حقه وتتفرع وتتعدد الحقوق وفق كل دولة اذا استثنينا طبعا الحقوق المعهودة ومحل إجماع كالحق في الحياة والصحة والتعليم  ولا يخفى أن حق الملكية من أوكد الحقوق التي تتعلق بحق ملكية المنقول والعقار وغيرها وعبر التاريخ كانت ملكية العقار من مظاهر  ومن عناوين "الوجاهة" والرقي والقوة والنفوذ حتى أنه تنوعت وتعددت التوصيفات  لمالكي العقار بوصفهم "بالاقطاعيينوفئة "الخماسة" وهم من يخدمون الأرض بمقابل  ثم كانت التطورات الاقتصادية التي جعلت العقار يترك مكانه لقيم منقولة جديدة ومستجدة على سبيل المثال  الأصول التجارية والبورصة وغيرها غير أن العقار عاد كقيمة جوهرية تستحق "التثمين"valorisation  وعنوان ومعيار للتقدم الصناعي والاقتصادي بمساهمته في الترقيم السيادي للدول     لذلك عادت التشريعات لتهتم بل لتبلور أساليب تثمين العقار وحمايته من خلال سن قوانين في الغرض ولعل تمظهرات ذلك فيما يعرف بنظام "الشهر العقاري "وهو نظام يختلف بين الدول بين 

- نظام شخصي : يعتمد اسم المالك اي اعتماد والإنطلاق من اسم الشخص للتعرف على العقار ومختلف العمليات التي تمت على هذا العقار من بيع وشراء وتنصيصات وتحملات وهو نظام اعتمدته فرنسا مثلا لكن لوحظ أن هذا النظام لم يكفل التنصيص على جميع العمليات العقارية واشهارها 

- اما طريقة الشهر العيني : فأساسه السجل registre والذي هو مضمون ولادة العقار من شأنه أن تتم من خلاله الوقوف عند حالته الاستحقاقية والواقعية  سواء تعلق الأمر  باحالات أو واقعة وفاة أو تحملات 

بما يسهل على الغير وكل ذي مصلحة التعامل عليه بأمان واطمئنان وهذا النظام اعتمدته استراليا -المانيا- المغرب-تونس 

أساس النظام العيني (5) مبادئء وهي : 

- التخصيص

- حظر التقادم المكسب 

- المفعول المنشىء للترسيم

- الشرعية 

- القوة الثبوتية للترسيم

·       فالتخصيص : أن العقار أو الوحدة العقارية  هي محور الإشهار وحظر التقادم المكسب للملكية يعني أن الحوز لا يسري على العقارات المسجلة  ومبدأ المفعول المنشىء للترسيم يعني أن نشأة الحق العيني بين الأطراف ومعارضة الغير  وفق الفصل 305 من مجلة الحقوق العينية لا يكون الا بالترسيم فهو "لا يتكون ولا يعارض به الغير "  والشرعية :  تعني مراقبة شرعية الصكوك المقدمة للترسيم ومدى مطابقتها للقانون وللحالة الاستحقاقية والواقعية للرسم العقاريوهو ما يترتب عليه  القوة الثبوتية للترسيم : اي ان الترسيم بالسجل العقاري كفيل بضمان الحق دون الالتفات للعمل القانوني الذي تأسس عليه والملاحظ أن ترسيم حكم التسجيل والترسيمات المتزامنة معه له قوة ثبوتية مطلقة في حين أن الترسيم الإداري له قوة ثبوتية نسبية بما انه يمكن التشطيب عليها مبادى جوهرية تؤسس للحق وهو حق ملكية العقار بما هي كما اسلفنا الحق في :

الاستعمال 

الاستغلال

التصرف

مما سلف يتضح أن اكراهات المرفق العام تتأتى من صرامة النصوص المتعلقة بنظام الترسيم (1)ومن طبيعة المرفق العام ذاته(2)لنخلص إلى صور استعارة إدارة الملكية العقارية لقبعة القضاء chapeau judiciaire لتجاوز معوقات الترسيم (3) الناجمة عن  تلك النصوص وطبيعة المرفق وذلك بالاجتهاد والسعي للتيسير 

dourouby.tn

1-   الاكراهات الناجمة عن صرامة النصوص :

   

أن الحق لا يكون حقا سواء على منقول أو عقار إلا عندما يندرج في صميم الحقوق الممكن التمتع بها  فإذا كانت مادة القانون الجنائي تستند على مبدأ الشرعية بحيث لا جريمة بدون نص كما لا عقوبة دون نص فإن اكتساب الحق على عقار أو حق عيني على عقار لا يكون إلا وفق اتباع اجراءات نصت عليها القوانين وتحديدا مجلة الحقوق العينية لذلك فإن نظام الترسيم يعني الإجراء الذي يرمي إلى ادراج حق عيني أو بعض الحقوق الشخصية المذكورة حصرا بمجلة الحقوق العينية وهي حقوق تكون موضوع :

 - صكوك اتفاقية 

قضائية 

- أو إدارية 

ويكون موضوعها :

-انشاء حق عيني 

- نقله 

- التصريح به 

- تعديله 

- انقضائه 

- أو التقييد من حرية التصرف فيه 

وكل ذلك نص عليه الفصل 373 من مجلة الحقوق العينية فكل شخص يمكنه أن يطلب من حافظ الملكية العقارية بعد الادلاء بالوثائق اللازمة قانونيا ترسيم حق عيني أو تشطيب ترسيم أو تعديله أو الحط منه غير أنه لا يمكن ترسيم الحق إلا إذا كان منجرا مباشرة ممن سبق ترسيم وفق مبدأ تسلسل الترسيمات فتتم مراقبة  سلامة الصكوك المقدمة شكلا ومضمونا  وللمعني بالترسيم طلب إصلاح الترسيم في صورة السهو أو الخطأ من إدارة الملكية العقارية فالاكراهات القانونية تتاتى من النصوص الواجب العمل بها من الإدارة

  فقد أوجب القانون بالنسبة للعقار المسجل  وطبق الفصل 373 من مجلة الحقوق العينية أنه يجب أشهار العمليات التالية :

- جميع الصكوك والاتفاقات فيما بين الأحياء مجانية كانت أو بعوض 

- جميع الأحكام التي احرزت قوة ما اتصل به القضاء 

وسواء تعلق الأمر بإنشاء حق عيني أو نقله أو كل ما سبقت الإشارة إليه 

- جميع الصكوك والأحكام القاضية باحالة حق الاشتراك في الملكية ونعني بذالكمثلا  التقسيم والقسمة حتى ولو كان موضوعها ارثا فالورثة والموصى لهم لا يمكن لهم التصرف في العقار إلا بعد ترسيم وفاة المورث أو الموصي حيث أن ادراج الوفاة هو الأساس في انتقال الحق للورثة عامة حيث أن الالتزامات والحقوق تنصرف للخلف العام  والخلف الخاص وعدم القيام بذلك لا يكسبهم حقوقا وكل تصرفاتهم لا يترتب عليها إلا التزامات شخصية إلى جانب ما ذكر فإن بعض الصكوك الأخرى يجب اشهارها بالترسيم حتى يمكن معارضة الغير بها وهي :

- عقود تسويغ العقارات وتجديدها 

- الصكوك والاحكام المثبتة لخلاص أو إحالة مبلغ يتجاوز معين  كراء او إنزال عام لم يحل اجل أدائه 

فالاكراهات المتحدث عنها في هذا الباب في ضرورة الإلتزام بالقوانين والتراتيب الجاري بها العمل فإذا كانت الاكراهات المتأتية من النصوص النافذة شرعية ومشروعة والتي تم سنها لضمان حقوق الكافة من منطلق ضمان حق الملكية عامة وحق ملكية العقار أو الحق العيني على العقار بصفة خاصة بوصفها حقوقا دستورية فإن الاكراهات المشار إليها تتأتى من طبيعة المرفق العام ذاته 

 dourouby.tn

2- الاكراهات الناجمة عن طبيعة المرفق العام :   

 

سلف أن بينا أن الدولة هي الضامن للحقوق والحريات ، فسيادة الدولة تتأسس على فرض سلطتها في انفاذ القانون على الكافة في مقابل  تمتع منظوريها بممارسة حقوقهم الشرعية وعليه فإن إحدى تجليات المرفق العام هي كل ما يتعلق بضمان الحق في الحياة والصحة والتعليم والامن وحرمة الحياة الخاصة وهو ما يعني أن الدولة ليست كائنا هلاميا ، بل هي مختلف المرافق العامة والخدمات التي تسديها لمواطنيها ، فحق الملكية هو من أوكد الحقوق وخاصة فيما يتعلق بالعقار  الذي أصبح بل استعاد بريقه وأضحى قيمة مضافة تسعى التشريعات المعاصرة لتثمينه  واحاطته بكل الضمانات القانونية سواء باستغلاله أو استعماله أو التصرف فيه غير أن المرفق العام ليس كائنا هلاميا أيضا فبغض النظر عن التقسيمات الشكلية  إلى مؤسسات عمومية ذات صبغة إدارية أو غير إدارية أو منشآت عمومية فإن ذلك بالنسبة للمواطن والمتعامل مع الإدارة  أو المنشأة العامة لا يعنيه في شيء ولا يفقه في اجراءات وفصول القانون فهو يبحث عن الحصول على الخدمة الإدارية بالنظر لحاجته الماسة إلى ثمن البيع بالنسبة للبائع أو رهن موضوع الشراء بالنسبة للمشتري واستثماره فالاكراهات هاته المرة متأتية من  واجب الدولة عبر مؤسساتها الرسمية في تقديم الخدمة بأيسر السبل ومطالبة المواطن لمختلف هياكل الدولة بحقوقه المكفولة قانونا فتكون الإدارة محجوجة بالنصوص الجاري بها العمل في واقع الحال مثلا مقتضيات الفصل 373  من مجلة الحقوق العينية وبين حاجيات المواطن في التمتع بخدمات المرفق العام بالجودة والسرعة المطلوبتين ويجب عليها التغلب على اكراهات النصوص المقيدة  لصلاحياتها وبين السعي لإرضاء طالب الخدمة فهي ملزمة ومقيدة نصا وصلاحياتومكرهة على الاجتهاد الذي لا يجب ان يؤدي إلى مساءلتها في حالة الخطأ الفادح والذي قد تترتب عليه تبعات  المسؤولية الجزائية والمدنية والإدارية فإذا ما حدد القانون الحقوق العقارية الواجب التنصيص عليها بالسجل العقاري بما يضمن  مصداقيته ومطابقته للحالة القانونية والواقعية للعقار  وفق ما تم التنصيص عليه سلفا فإن الإدارة لا يمكنها الاجتهاد بما فيه مخالفة جوهرية للنصوص القانونية فإنها قد تجد نفسها أحيانا  مجبرة على الاجتهاد في نطاق القانون ووفق ما هو متاح ويتجلى ذلك في استعارة " قبعة " القضاء دون أن تتحول إلى محكمة بل من صميم طبيعتها الإدارية أن تسعى للتيسير  دون أن يلحق ذلك ضرار بمصلحة الإدارة والمتعاملين معها 

           

 وفي هذا الإطار إضافة الى الأحكام الواردة بمحلة الحقوق العينية وعديد القوانين الأخرى فإن الإدارة تجد أحيانا اشكالات وموانع قانونية للترسيم بحيث من حيث المبدأ ترفض الترسيم آليا لكن طبيعتها الإدارية  وصبغة المرفق العام من جهة وأحكام هاته النصوص من جهة أخرى يجعلها تترنح بين صبغتها كهيكل تنفيذي  مهمته الإلتزام بالقانون وبين الاجتهاد والتأويل وفض الإشكاليات والتي هي أصلا من صلاحيات السلطة القضائية ومطالب التحيبن نموذج  لاختلاط بل تخبط الإدارة إضافة الى أمثلة أخرى مثل الاعتراض التحفظي وشرط سقوط الحق والانذار القائم مقام عقلة عقارية والاعتراض التحفظي 

Mall for you



 

3-ادارة الملكية العقارية واستعارة "قبعة القضاء" : مطالب التحيبن نموذجا :

 

      لا بد من التوضيح أولا أننا نتحدث هنا عن الإدارة عامة بصفتها مؤسسة وهيكل من هياكل الدولة المحمول عليها اسداء الخدمة للعموم ج وضمان استمرارية المرفق العام المتسم بالديمومة والحياد والنزاهة  بغض النظر عن ذوات الأشخاص وصفاتهم وعليه فإن إدارة الملكية التي هي في الأصل مؤسسة عمومية ذات صبغة إدارية والتي تحولت صبغتها لتصبح مؤسسة عمومية غير إدارية هي مرفق عام حيوي وهام لتعلقه بحق الملكية والمتعلق بالعقار وعليه فهي وأن تغيرت صبغتها لتطوير خدماتها من منطلق المرونة الإدارية والمالية التي تتيحهما لها صبغة الديوان غير أنها تبقى خاضعة للقوانين والتراتيب الجاري بها العمل فإذا ما نص القانون على أحكام تمنع الترسيم فإن ذلك يؤدي إلى عدم قبول مطالب الترسيم حال وجود الموانع الآلية للترسيم فمطالب التحيين  prenotation de mise a jour هي آلية تم إرساؤها لتخليص الرسوم العقارية من الجمودفالرسوم المجمدة معضلة في القانون العقاري التونسي  ومعضلة للدور الاقتصادي للعقار  وهاته الآلية وضعت للقضاء وعلى الأقل للحد منها فالرسم المجمد هو كل رسم لا تتطابق حالته الواقعية والمادية مع التنصيصات المدرجة بالرسم العقاري حيث أمام تعدد العمليات العقارية دون ادراجها قد يتسبب ذلك في ضياع واهدار حقوق وهو ما يفقده مصداقيته ووظيفته التي هي اساسا اشهار العمليات العقارية لذلك تدخل المشرع بالقانون عدد 39لسنة 1992 المؤرخ في 27 افريل 1992 والذي أرسى " مبدأ المفعول المنشىء للترسيموهو أن كل حق عيني لا ينشأ ولا يتكون إلا بترسيمه بالسجل العقاري والذي اجل تاريخ دخوله حيز التنفيذ مرة أولى في 1995 والثانية في 1998 وانتهى إلى تطبيقه على الرسوم العقارية  المحدثة تنفيذا للاحكام الصادرة بالتسجيل ابتداءا من القانون عدد 30 المؤرخ في 10 افريل 2001 فالفصل 12 منه ينص أنه " توجيه نظير من مطلب التحيين المذكور ومؤيداته إلى إدارة الملكية العقارية الواقع بدائرتها العقار "وعلى إدارة الملكية العقارية خلال أسبوع من توصلها بمطلب التحيين التنصيص عليه بالرسم أو الرسوم العقارية المعنية وهو مانع للترسيم مبدئيا 

         

لابد من الإشارة إلى أن التنصيص على مطلب التحيبن لا يندرج ضمن  العمليات العقارية  الأصلية الواردة على السجل العقاري بل أن هذا التنصيص مرتبط باجراءات مطالب تحيين الرسوم العقارية وتخليصها من الجمودولا تنطبق عليها الشروط العامة للترسيماتوالتنصيصات المنطبقة على سائر العمليات الأخرى  التي تخضع إلى اجراءات التحقيق التي تقوم بها الإدارة للتثبت من سلامة الصكوك شكلا ومضمونا بحيث أن إدارة الملكية العقارية مبدئيا لا يمكنها رفض التنصيص على مطالب التحيين بالرسم العقاري لأنها في النهاية هيكل إداري تنفيذي للمحكمة العقارية المتعهدة بالنظر في مطلب التحيين على أن تحترم كتابة المحكمة العقارية الشروط الاجرائية المنصوص عليها بالفصل 12 من قانون 2001  تطرح مسألة التنصيص على مطلب التحيين بالرسم العقاري ما يمكن أن نسميه مراوحة إدارة الملكية العقارية بين صفتها كهيكل تنفيذي إداري ملزم بتنفيذ ما يطلبه منها القضاء وبين أن تستعير " قبعة القضاء " عن غير قصد ومن باب الإلتزام باسداء الخدمة بأيسر السبل بصفتها مؤتمنة على خدمة المرفق العام وطرحت   مسألة التنصيص على مطلب تحيين برسم عقاري مسلط عليه إنذار قائم مقام عقلة عقارية

فهل يمنع الإنذار القائم مقام عقلة عقارية التنصيص على مطلب التحيين بالرسم العقاري المسلط عليه؟

يرى البعض أن ترسيم الإنذار القائم مقام عقلة عقارية بالرسم العقاري يمنع أي ترسيم لاحق حتى وإن كان تنصيصا على مطلب تحيين وهو ما درجت عليه بعض الإدارات الجهوية للملكية العقارية وذلك اعتمادا على الفصل 453 من م.م.م.ت. الذي نص صراحة على منع ترسيم العمليات اللاحقة لترسيم الإنذار.

ويستند أصحاب هذا الرأي إلى أن الغاية من مطلب التحيين في النهاية هو طلب ترسيم حق، فإذا قضت المحكمة برفض المطلب، فإن ذلك لا يثير إشكالا باعتبار أن الإنذار مرسم بالرسم العقاري، وأن الدائن قد يكون قد قام في الأثناء بإجراءات التبتيت. أما إذا قضت المحكمة العقارية بقبول مطلب التحيين وبترسيم الحق موضوعه، فإن الإشكال سيطرح بشدة، وقد يصل إلى حد وجود تناقض بين حكمين قضائيين، وهما حكم التبتيت والحكم العقاري. وعليه يكون من الأفضل حتما عدم التنصيص على مطلب التحيين بالرسم العقاري إلى حين البت في مآل الإنذار القائم مقام عقلة عقارية المدرج بذلك الرسم العقاري.

             

 غير أن هذا الرأي رغم وجاهته تعرض لانتقادات بعض الفقهاء الآخرين ذلك أن التنصيص على وجود مطلب التحيين بالرسم العقاري مسألة إجرائية بالأساس، إذ أن المحكمة العقارية لا تنظر في مطلب التحيين إلا بعد ورود ما يفيد التنصيص عليه بالرسم العقاري، ومنع ترسيمه بالنظر إلى وجود إنذار قائم مقام عقلة عقارية يتناقض مع حق التقاضي الذي هو حق دستوري. هـذا كما أن القانون عدد 34 لسنة 2001 هو قانون استثنائي تم سنه لتصفية الأوضاع العقارية وتخليص الرسوم من ظاهرة الجمود، ليتم إرجاعها إلى الدورة الاقتصادية وبالتالي فهو قانون يهم النظام العام الاقتصادي. إذا إضافة إلى أن المشرع استعمل صيغة الأمر في الفصل 13 من قانون التحيين المذكور سالفا، وهو ما يعني أن إدارة الملكية العقارية ليست مطالبة بالتنصيص على وجود مطلب تحيين بالرسم العقاري بل هي ملزمة على ذلك. ويتم هذا التنصيص وجوبيا خلال الأسبوع الذي يلي تاريخ الاتصال بمضمون مطلب التحيين وذلك بالرسم العقاري المعني أو الرسوم العقارية المعنية.

غير أن مهمة إدارة الملكية العقارية لا تقف عند حد التنصيص على وجود مطلب التحيين إذا أوجب عليها الفصل 12 المذكور في فقرته الرابعة إعلام المحكمة بإتمام التنصيص المذكور وإفادتها بالحالة القانونية الأخيرة للرسم العقاري، وذك حتى يتم النظر في مطلب التحيين من قبل المحكمة المتعهدة على ضوء آخر حالة قانونية للرسم العقاري ولضمان حسب مراقبة الإجراءات. وهذا ما رأى فيه البعض "رفعا لاختصاص إدارة الملكية العقارية وتعيينا لاختصاص المحكمة العقارية وهو ما يتوضح أكثر بقراءة الفصل 13 من القانون عدد 34-2001 المذكور الذي ينص:"لا يجوز لإدارة الملكية العقارية إبتداء من تاريخ التنصيص على مضمون المطلب بالرسم العقاري مباشرة أية عملية في موضوعه وعليها أو توجه للمحكمة ملفات المطالب المقدمة إليها في نفس الموضوع مع بيان تاريخ ورودها حسب التنصيصات  المتعلقة بالمطالب المقدمة في موضوع الشهادات المذكورة".

ومن قراءة الفصل المذكور نتبين أن المشرع منع  على إدارة الملكية العقارية النظر في أية عملية قد تجرى على الرسم العقاري المضمن به مطلب تحيين حيث أن إدارة الملكية العقارية مكلفة بإحالة هذه العمليات على أنظار المحكمة العقارية المتعهدة بالنظر في مطلب التحيين

وجاء الفصل الرابع من القانون عدد 34-2001 المذكور ليؤكد هذا المنع حيث نص:"استثناء لمقتضيات الفقرة الأولى من الفصل 13 من هذا القانون يمكن 

-         لدائرة الرسوم المجمدة 

-          أو لقاضي السجل العقاري

كل في حدود اختصاصه الإذن بناء على طلب من له مصلحة بمواصلة مباشرة العملية المطلوبة لدى إدارة الملكية العقارية بعد التحقق عن عدم تعلقها بالمطلب المنشور لدى المحكمة العقارية". وعليه فإنه بقراءة الفصلين 13 و14 المذكورين أعلاه، يتبين لنا بجلاء أن التنصيص على مطلب التحيين بالرسم العقاري مانع لترسيم جميع العمليات اللاحقة له بذلك الرسم. فعبارات الفصل 13 المذكور جاءت مطلقة وبذلك وجب فهمها على إطلاقها، وعلى إدارة الملكية إلى ذلك أن تحيل جميع تلك العمليات من

- طلب الترسيم

- أو تعديل

- أو حط من ترسيم

- وإصلاح ترسيم

 أو ترسيم حجة وفاة

-  أو حكم أو إذن قضائي

أو النظر في طلب إدراج طلب قيد احتياطي

-  أو اعتراض تحفظي

أو إنذار قائم مقام عقلة عقارية إلى المحكمة العقارية.

وهو ما أثار الكثير من إنتقادات الفقهاء، نظرا لأن إحالة مثل هذه العمليات على المحكمة العقارية قد :

- يثقل كاهلها

- كما يدمج ضمن اختصاصاتها عدة اختصاصات أخرى.

 إذ لا يجوز للمحكمة العقارية مثلا النظر

-  في تنفيذ حكم استحقاقي

-  كما لا يمكن لها أن تأذن في ترسيم عقلة

-  أو إجراء اعتراض تحفظي خاصة

خاصة أن العديد من هذه العمليات تخضع إلى إجراءات استثنائية وخصوصية، وإلى آجال حاسمة. وهاته  الانتقادات تفتقر إلى الصحة وذلك لأن إجراءات التحيين أحالها المشرع على المحكمة العقارية، وأوجب أن تبقى جميع العمليات التي قد تطرأ على الرسم العقاري معلقة ريثما تنظر المحكمة العقارية في مطلب التحيين وهو مضمون مبدأ عدم الترسيم بالسجل العقاري في صورة التنصيص على وجود مطلب التحيين.

 فهل من حدود لهذا المبدأ؟

 حدود المبدأ : 

أمام خطورة منع الترسيم بالسجل العقاري  حاول المشرع التخفيف من مبدأ عدم الترسيم بالرسم العقاري في صورة التنصيص على وجود مطلب تحيين حيث مكن طبقا لما جاء بالفصل 14 من القانون عدد 34 لسنة 2001 المذكور كل من دائرة الرسوم المجمدة، بمواصلة مباشرة العملية المطلوبة لدى إدارة الملكية العقارية. تبعا لذلك فإن منع الترسيم يمكن أن يكون ظرفيا، بما أنه يمكن أو يزول بالإذن لإدارة الملكية العقارية بمواصلة مباشرة العملية المطلوب ترسيمها، وذلك دون انتظار مآل مطلب التحيين وبعد التحقق من عدم تعلق العملية المطلوبة بمطلب التحيين المنشور لديها. 

هذا كما ذهب البعض إلى اعتبار أن المشرع في حقيقة الأمر لم يمنع إدارة الملكية العقارية من مباشرة أية عملية، إذا تضمن الرسم العقاري تنصيصا على وجود مطلب تحيين كما قد يفهم من قراءة سريعة وغير متمعنة للفصل 13 من القانون عدد 34 لسنة 2001 المذكور ضرورة أن ذلك المنع يهم العمليات التي لها علاقة بموضوع مطلب التحيين فقط، ولا بموضوع الرسم العقاري. بذلك نرى أن الفصل 13 من القانون عدد 34 لسنة 2001 المؤرخ في 10 أفريل 2001 يثير "إشكالا تطبيقيا" بين : إدارة الملكية العقارية والمحكمة العقارية حيث اعتبرت إدارة الملكية العقارية أن منع مباشرة العمليات الواردة عليها بخصوص رسم عقاري يتضمن تنصيصا على وجود مطلب تحيين، أو غير متعلق به

اعتبرت المحكمة العقارية أن ما يستوجب الإحالة عليها هو كل عملية يتعلق موضوعها بمطلب التحيين فقط.وهو اتجاه تبناه القاضي جعفر الربعاوي حيث يعتبر أن المشرع لم يمنع في الحقيقة إدارة الملكية العقارية من مباشرة أية عملية في صورة التنصيص بالرسم العقاري على وجود مطلب تحيين، بل أن المنع يهم فقط العمليات التي لها علاقة بموضوع مطلب التحيين وليس بالرسم العقاري. والحجة على ذلك الفصل 12 من قانون التحيين المذكور الذي أوجب على كتابة المحكمة العقارية توجيه نظير ونسخ من مؤيدات مطلب التحيين إلى إدارة الملكية العقارية. فلو كانت هذه الأخيرة ملزمة على رفض ترسيم كل العمليات اللاحقة الواردة على الرسم المنصص فيه على مطلب التحيين، وبإحالة كل تلك العمليات على المحكمة العقارية، لما أوجب المشرع على كاتب المحكمة توجيه النظير من مطلب التحيين ونسخ مؤيداته إلى إدارة الملكية العقارية، إذ ليس من داع من معرفتها بموضوع المطلب، إذا لم يكن ذلك لمعرفة مدى تعلق العمليات الواردة عليها بمطلب التحيين، حتى تتمكن من أن تقرر في إمكانية مباشرة العملية من عدمها، وبالتالي إحالتها على نظر المحكمة العقارية.وبالإضافة إلى ذلك يعتبر القاضي جعفر الربعاوي أن إمكانيات المحكمة العقارية غير قادرة حاليا على مسك السجل العقاري، ضرورة أن تخلي إدارة الملكية العقارية عن مهامها بإحالة كل العمليات الواردة على الرسم العقاري إلى المحكمة العقارية بحجة وجود مطلب تحيين منشور لديها فيه "إجحاف وإثقال لكاهل المحكمة" وهي ليست مهيأة للنظر في الكم الهائل من الإحالات الذي وصل إلى المئات في بعض فروع المحكمة العقارية، وإلى الآلاف في المحكمة المركزية باعتبار أن مرجع نظرها هو 6 ولايات.ولوجاهة هذا الاتجاه الذي يتماشى مع روح قانون التحيين الذي كانت الغاية منه عدم تعطيل الرسم العقاري، وإيقاف التعامل عليه وتجميده، قامت عدة إدارات جهوية للملكية العقارية مثل الإدارة الجهوية للملكية العقارية بتونس، وبأريانة بتبنيه، حيث أنها دأبت مثلا على ترسيم عقود الرهن المتعلقة برهن منابات أحد المالكين على الشياع برسم عقاري تم التنصيص فيه على وجود مطلب تحيين، ولكن يتعلق موضوعه بإفراز منابات مالك آخر على الشياع، وذلك بالنظر إلى عدم تعلق موضوع الصك المقدم للترسيم (رهن منابات مالك) بموضوع مطلب التحيين (إفراز منابات مالك آخر

 إلى جانب ذلك فإن البعض يعتبر أيضا أنه في صورة ما إذا تم التنصيص على وجود مطلب تحيين بالرسم العقاري، فإن ذلك لا يمنع ترسيم الإنذار القائم مقام عقلة عقارية، وذلك لأسباب إجرائية بحتة، إذ أنه يتوجب ترسيم الإنذار بالرسم العقاري في أجل تسعين يوما من تاريخه، وإلا ألغي العمل به طبقا لما جاء بالفصل 453 من م.م.م.ت. هذا كما أن الإنذار يصير عديم المفعول طبقا لما جاء بالفصل 456 م.م.م.ت إن لم تقع في الثلاثة أعوام الموالية لتاريخ ترسيمه بتة مرسمة بصفة قانونية، أو لم يصدر حكم بتمديد أجل البتة نص عليه بالرسم العقاري، وبما أن المسألة إجرائية وخاضعة جال حددها الممشرع فإن الأسلم يكون بترسيم الإنذار بالرسم العقاري الذي يتضمن تنصيصا على وجود مطلب تحيين، وإلا سيفرغ الإنذار من محتواه بمجرد تقديم مطلب تحيين، وتجديده عند رفضه في كل مرة، طالما أن مطلب التحيين يمنح آنذاك "حصانة" للمدين المعقول عنه، بمنعه لترسيم الإنذار هذا إذن بالنسبة لاستثناءات مبدأ عدم الترسيم في صورة التنصيص على وجود مطلب تحيين بالرسم العقاري ولئن كان مطلب التحيين نموذجا تتضح من خلاله ما يمكن ان نسميه " مدا وجزرا " بين المحكمة العقارية  بصفتها سلطة قضائية  تمتلك كامل الصلاحيات القانونية للبحث والتحري باعتبارها صاحبة الاختصاص الاصلي  في القضاء بترسيم الحق  وبين ادارة الملكية العقارية  التي تستعير "قبعة " القضاء  اجتهادا وتاويلا فان الاعتراض التحفظي  والانذار القائم مقام عقلة عقارية  وشرط سقوط الحق  من مظاهر الاكراهات القانونية  والموانع للترسيم  ورغم ذلك قد تجد الادرة  تبريرات تفرضها عليها اكراهات المرفق العام  والسعي لاسداء الخدمة  وعدم تعطيل مصالح المتعاملين معها

         

الاعتراض التحفظي :

 

 خص المشرع الاعتراض التحفظي بباب كامل عنوانه "الاعتراضات التحفظية" صلب م.ح.ع. حيث نظمه بالفصل 365 وما بعده من المجلة المذكورة غير أنه بالتمعن في محتوى تلك الفصول نجدها تتعلق في حقيقة الأمر بالقيد الاحتياطي الذي ليس له علاقة بالاعتراض التحفظي، الذي وقع تنظيمه من طرف المشرع بالفصل 327 وما بعده من م.م.م.ت،  وإن كانا الاثنان يتشابهان في كونهما وسيلتان وقتيتان للحفاظ على حقوق الغير ذلك أن القيد الاحتياطي يرمي إلى حماية صاحب الحق العيني الذي تعذر عليه ترسيم حقه بالسجل العقاري لسبق ترسيم حقوق عينية لفائدة الغير، وهو بإجراء القيد يضمن ترسيم حقه عند زوال المانع. فالقيد الاحتياطي هو بذلك إجراء يهدف إلى نزع قرينة حسن النية من المتعامل على الرسم العقاري بتحذيره من إمكانية حصول تغيرات في البيانات الواردة بذلك الرسم العقاري مستقبلا، فهو بذلك لا يمنع مبدئيا ترسيم الصك بالسجل العقاري هذا في حين أن الاعتراض التحفظي يهدف إلى حماية الدائن، والتنصيص على اعتراض تحفظي بالرسم العقاري يمكن أن يمنع مبدئيا ترسيم الصك اللاحق له بالسجل العقاري. وقد خول الفصل 327 من م.م.م.ت إمكانية ترسيم اعتراض تحفظي لفائدة كل دائن، فالمبدأ إذن هو أنه لكل دائن الحق في إجراء اعتراض تحفظي على عقارات المسجلة التي على ملك مدينة سواء كان دائنا عاديا، ممتازا، أو مرتهنا ويخضع الاعتراض التحفظي بدوره إلى شروط تكون عدم الاستجابة لها مانعا من موانع ترسيمه بالسجل العقاري، كما أن له مؤيدات يكون تقديمها ضروريا مع طلب الاعتراض، حيث يشكل غياب تقديمها مانعا من موانع ترسيمه بالسجل العقاري. وإلى جانب ذلك قد لا يمكن قبول ترسيم الاعتراض بالنظر إلى نصوص قانونية محددة غير أنه في حالة قبول ترسيمه، فإنه يشكل مانعا لترسيم جميع الصكوك اللاحقة له، ما عدا بعضها التي تكون استثناءا لذلك المانع.

وقد ميز الفصل 327 من م.م.م.ت بين الدائن الذي بيده سند تنفيذي أو سند مرسم حل أجل أداء دينه، وبين الدائن الذي لا يملك سندا تنفيذيا أو سندا مرسما، أو الذي لم يحل أجل أداء دينه بعد. حيث منح الدائن الأول إمكانية ترسيم اعتراض تحفظي بناء على محضر إعلام يبلغه الدائن إلى مدينه بواسطة عدل منفذ، يذكر فيه مرجع السند التنفيذي الذي يمكن أن يكون:

>قضائيا: وهو الحكم القابل للتنفيذ على معنى الفصل286 من م مم ت و هو  الحكم الذي اتصل به القضاء ، أو الحكم المأذون بتنفيذه وقتيا ولو لم يحرز على قوة ما اتصل به القضاء.

>إداريا: وهو القرار الإداري الذي تصدره الإدارة في إطار ممارسة سلطتها الإدارية والمتمثلة غالبا في المحاسب العمومي لاستخلاص الديون العمومية.

ويستوجب لقبول ترسيم الاعتراض التحفظي كمؤيد لطلب ترسيمه الإدلاء بنسخة من هذا السند يمكن أن يكون:

×حكما أو إذنا بالدفع قابلا للتنفيذ، أي أن يكون نهائي الدرجة، أو ابتدائيا محكوم بتنفيذه معجلا أو وقتيا، أو ابتدائيا لم يقع استئنافه حسب شهادة في عدم الاستئناف يدلي بها أيضا في الغرض.

× بطاقة تنفيذية وهي بطاقة جبر أو إلزام على استخلاص ديون عمومية تكون صادرة عن محاسب الدولة والمؤسسات الإدارية والجماعات العمومية المحلية أو المنشآت العمومية طبقا لأحكام الفصل 26 من مجلةالمحاسبة العمومية.

×بطاقة إلزام صادرة عن المكلف العام بنزاعات الدولة، أو عن قابض المالية المكلف من طرفه باستخلاص الديون الراجعة له بالنظر طبقا للفصلين 5 و6 من القانون عدد 13 لسنة 1988المؤرخ في 7 مارس 1988 ،حيث تنفذ البطاقات المذكورة تنفيذا وقتيا ولا يحول دون تنفيذها اعتراض المطلوب عليها طبقا لأحكام الفصل 26 من مجلة المحاسبة العمومية، والفصل الخامس من القانون عدد 13 لسنة 1988 المذكور.

×أحكام التحكيم عملا بالفصول 31 و32 و77 و80 وما بعده من القانون عدد 42 لسنة 1993المؤرخ في 26 أفريل 1993 المتعلق بإصدار مجلة التحكيم

.حيث يتوجب الإدلاء بأحد هذه السندات التنفيذية لقبول إدارة الملكية العقارية ترسيم الاعتراض التحفظي للدائن صاحب السند التنفيذي. أما بالنسبة للدائن الذي له سند مرسم أي رهن عقاري مرسم على عقار المدين، فإنه يكفي التنصيص عليه بمحضر الإعلام، وذلك بذكر تاريخ كتب الرهن وتاريخ تسجيله بالقباضة المالية، أو تاريخ ومراجع ترسيمه بالسجل العقاري. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، لماذا يلجأ الدائن صاحب السند المرسم إلى إجراء الاعتراض التحفظي، في حين أن دينه مضمون برهن عقاري ويمكنه أن يمر مباشرة إلى إجراء إنذار قائم مقام عقلة عقارية، وبالتالي إلى إجراءات البيع مباشرة.

يمكن الإجابة على هذا السؤال بأن الدائن بإجرائه الاعتراض التحفظي يرمي إلى "زعزعة المدين بإنذاره بخطر التفويت في مكاسبه لعله يتدارك أمره بالأداء أو الصلح، وهو ما يجنب الدائن والمدين مصاريف العقلة التنفيذية المرتفعة وإجراءاتها المعقدة". وأما الدائن الثاني وهو الدائن الذي لا يملك سندا تنفيذيا، أو سندا مرسما، أو الذي لم يحل أجل أداء دينه، فله إمكانية ضمان استخلاص دينه إذا كان يبدو أن له أساس من حيث الأصل طبقا للفقرة الثانية من الفصل 322 من م.م.م.ت باستصدار إذن على عريضة من رئيس المحكمة الابتدائية التي بدائرتها مقر المدين. ويصدر الإذن عن رئيس المحكمة بإجراء اعتراض تحفظي دون أخذ رأي إدارة الملكية العقارية، خلافا لما هو عليه الشأن بالنسبة للقيد الاحتياطي الذي يجري حسب أحكام الفصل 367م.ح.ع بإذن من رئيس المحكمة بناء على عريضة تحال على مدير الملكية العقارية لإبداء رأيه فيها. غير أن بعض المحاكم درجت على أخذ رأي إدارة الملكية العقارية قبل الإذن بالاعتراض بحجة أن القانون لا يمنع مثل هذا الإجراء وبحجة أن هذا الإجراء فيه إنارة لرئيس المحكمة عن وضعية المدين وعن وضعية الرسم العقاري موضوع طلب الاعتراض، وإن كان من أيسر السبل لتحقيق ذلك هو تقديم نسخة شمسية حديثة من الرسم العقاري مع قائمة في العمليات الجارية عليه صحبة عريضة طلب الاعتراض. ولذلك فإن طلب ترسيم اعتراض تحفظي على معنى الفقرة الثانية المذكورة، يستوجب الإدلاء بإذن على عريضة أصلا أو نسخة مشهودا بمطابقتها للأصل من المحكمة. ولا تخلو هذه المؤيدات لمطلب ترسيم الاعتراض التحفظي هي الأخرى من بيانات وجوبية، كمعرف الرسم العقاري المعني بالاعتراض التحفظي، حيث نص الفصل 327 من م.م.م.ت في فقرتيه الأولى والثانية على إمكانية حصول الدائن على ترسيم اعتراض تحفظي على عقارات مدينه المسجلة. وعليه يستنتج من النص المذكور أنه ليس من الضروري التنصيص على معرف الرسم العقاري بالإعلام المبلغ عن طريق عدل منفذ أو بالإذن على عريضة المذكورين سالفا، إذ تكفي الإشارة بهما على عبارة "عقاراته المسجلة" دون التنصيص على الرسوم العقارية موضوعها.وبالتالي فإن الدائن يكفيه الكشف لدى إدارة الملكية العقارية عن الرسم أو الرسوم العقارية المعنية الثابتة بها ملكية مدينه.وتبعا لذلك فإن الدائن قد يتفطن إلى بعض الرسوم العقارية وتغيب عنه أخرى قد يتمكن لاحقا من التفطن لها، والتصريح بمعرفاتها لدى إدارة الملكية العقارية إثر طلبه ترسيم اعتراض تحفظي بعد أن يذكر بتاريخ إيداع المطلب الأول، على أنه يتعين إذا ما كان طلب الترسيم على فترات، أن لا يتجاوز آخر طلب الأجل المنصوص عليه بالفقرة الثالثة من الفصل 327 من م.م.م.ت. وهذه القاعدة أي التصريح بأي رسم يكتشفه مثبت لملكية مدينه، وعلى فترات، تكون مطلقة بالنسبة للاعتراض التحفظي المجرى بواسطة محضر إعلام، وتكون مقيدة بالنسبة للاعتراض المجرى بواسطة إذن على عريضة، حيث من الجائز أن لا يترك الإذن على عريضة للعارض الدائن حرية اختيار الرسوم المثبتة لملكية مدينه لترسيم اعتراض تحفظي عليها، ويقيد مجال ترسيم ذلك الاعتراض في رسم أو رسوم منها فقط، بالتنصيص عليها صراحة بنص الإذن، باعتبار أن العقارات موضوعها تفي وحدها باستخلاص الدين.

هذا وقد يقع التنصيص بمحضر الإعلام على معرف الرسم العقاري الأم، في حين أن العقار الموظف عليه الاعتراض التحفظي هو موضوع رسم عقاري مستخرج من الرسم الأم. ففي هاته الصورة، وإذا لم يقع التنصيص على معرف الرسم المستخرج المعني بالاعتراض، فإن التنصيص على معرف الرسم العقاري الأم وعلى رقم القطعة، أو القطع موضوع الاعتراض يكفي لتوضيح معرف الرسم العقاري المستخرج. أما الاقتصار على ذكر الرسم العقاري الأم دون بيان الرسم المستخرج أو ما يراد إجراء الاعتراض عليه من قطعة، يكون موجبا لرفض مطلب ترسيم الاعتراض التحفظي وقع التنصيص بمحضر الإعلام أو بالإذن على العريضة على معرف رسم عقاري تم تحويره بمعرف آخر، فإنه يمكن في هاته الصورة اعتماد معرف الرسم العقاري المحور لأنه سيؤدي إلى معرفة الرسم الجديد الذي عوض الرسم الذي تم تحويره.

 وأخيرا فإن بيان معرف الرسم العقاري سواء بالتنصيص عليه صراحة بمحضر الإعلام، أو بالإذن على العريضة، أو بمطلب الترسيم المقدم لإدارة الملكية العقارية، هو مفتاح إتمام إجراءات الاعتراض التحفظي، وعلى ضوئه تتبين إدارة الملكية العقارية ما إذا كان الاعتراض يخص جميع العقار، أو منابات منه، أو قطعة منه. فأما إذا كان الاعتراض التحفظي يخص جميع العقار، فإنه من الضروري أن يكون المدين سواء كان أصليا، أو ضامنا كفيلا عينيا، مالكا لجميع العقار، وإن كان يملك به منابات شائعة فقط، فإن ترسيم لاعتراض التحفظي ينصب على تلك المنابات الشائعة لا غير. وأما إن كان الاعتراض التحفظي متعلقا بمنابات على الشياع، فإنه من الضروري توضيح ما إذا كان يشمل جميع منابات المدين، أو جزءا منها، فإذا كانت جميعها بوضع عبارة "جميع مناباتهفإن ذلك لا يمثل إشكالا، وحتى إن كانت جميعها أيضا لكن ببيان هذه المنابات عددا، فإن الاختلاف بين تلك المنابات عددا كما هو منصوص عليها بالرسم العقاري، بعددها المذكور في محضر الإعلام، أو بالإذن على عريضة، لا يحول دون ترسيم الاعتراض التحفظي بقطع النظر عن الزيادة أو النقصان في ذلك العدد. وفي حالة ما إذا كان الاعتراض التحفظي متعلقا بقطعة من عقار يتكون من أكثر من قطعة، وعلى ملك أكثر من شخص وكان المدين واحدا فقط من المالكين أو بعضهم، فإنه من الضروري أن يقع الإدلاء قبل طلب ترسيم الاعتراض، بمقاسمة رضائية أو قضائية، قصد النظر في إمكانية ترسيمها، وللإفادة بأن القطعة الموظف عليها الاعتراض التحفظي، قد تميز بها من كان مدينا. على أنه إذا كان المدين أو المدينون مالكا أو مالكين لجميع العقار المتكون من أكثر من قطعة، وتم التنصيص بالإعلام أو بالإذن على أن الاعتراض يشمل قطعة من هذا العقار، بذكرعددها ومساحتها كيفما ذلك بالرسم العقاري، فإنه بالإمكان ترسيم الاعتراض التحفظي عليها، ولو لم يدلي بمثالها الهندسي لاستخراجها. والسند التنفيذي كمؤيد لإجراء الاعتراض التحفظي، فإن موضوعه وجب أن يكون دينا متخلدا بذمة المدين لفائدة طالب الاعتراض، سواء كان هذا السند إذنا بالدفع، أو حكما مدنيا، أو جزائيا، أو قرارا صادرا عن المحكمة الإدارية أو بطاقة تنفيذية، ما عدا في صورة واحدة تتمثل في أن المحكوم ضده أو الملزم بالأداء هو مورث الملزمين، فيجوز آنذاك تتبع ورثته وترسيم الاعتراض التحفظي شريطة أن تكون وفاة المورث مرسمة بالسجل العقاري.

هذا كما يجب أن يكون المطلوب للعارض حسب محضر الإعلام أو الإذن على عريضة، المحكوم عليه، أو من بين المحكوم عليهم، أو الملزمين بالأداء لفائدة طالب الاعتراض التحفظي، الذي وجب أن يكون هو أيضا المحكوم أو المأذون لفائدته، أو طالب الاستخلاص حسب بطاقة تنفيذية. هذا في حين أنه بالنسبة لبيانات السند المرسم فإنه يجب أن يكون المدين الموظف على عقاره الاعتراض التحفظي هو المدين المرهون عقاره، سواء كان مدينا أصليا أو ضامنا كافلا، وأن يكون طالب الاعتراض هو الدائن الراهن حسب السجل العقاري.  كما يجب أن يكون الرهن المرسم هو نفسه الرهن المنصوص عليه بمحضر الإعلام بإجراء اعتراض تحفظي، حيث يمكن أن يعتمد إما على تاريخ ترسيم الرهن ومراجعه، أو تاريخ إبرام عقد الرهن وتسجيله. أما إذا كان المبلغ المطلوب المنصوص عليه بمحضر الإعلام أو بالإذن على العريضة يختلف عن المبلغ المنصوص عليه بالسجل العقاري، فإن ذلك لا يمنع ترسيم الاعتراض بالنظر إلى أن المبلغ المنصوص عليه بالسند المرسم يمكن أن يرتفع تبعا للفوائض، أو ينخفض تبعا لخلاص أقساط منه أو لأي سبب يخص الطرفين. غير أنه يتوجب ذكر المبلغ المطلوب بمحضر الإعلام أو بالإذن على عريضة عملا بأحكام الفقرة الثالثة من الفصل 322 من م.م.م.ت.وحتى بتوفر جميع شروط قبول ترسيم الاعتراض التحفظي بالرسم العقاري، وجميع مؤيداته يمكن أن نجد موانع قانونية أخرى لقبول ذلك الترسيم، يمكن تصنيفها ضمن ثلاث أصناف :

²صنف أول: يتصل بسبق ترسيم إنذار قائم مقام عقلة عقارية، إذ نص الفصل 453 من م.م.م.ت في فقرته الثالثة، أنه لا يمكن أن يجري على العقار أثناء التتبعات أي ترسيم جديد يخص المدين المعقول عنه، إذ أن عبارات الفصل وردت واضحة وشاملة في منع كلترسيم، ولعل الغاية من هذا المنع هو تجنب أي تضارب بين مآل العقلة العقارية وتنصيصات الرسم العقاري.

²صنف ثاني: "يتصل بسبق ترسيم يقيد من حرية جولان العقار، مثل الشرط الفسخي، وشرط سقوط الحق"إذ أن مثل هذين الشرطين قد يؤولان إذا ما تحققا إلى زوال حق المدين من أصله، وبالتالي إلى زوال الأساس الذي انبنى عليه الاعتراض التحفظي.

²صنف ثالث: يتصل بسبق التنصيص بالرسم العقاري على مطلب تحيين، إذ نص الفصل 13 من القانون عدد34 لسنة 2001 المؤرخ في 10 أفريل 2001 والمتعلق بتحيين الرسوم المجمدة، أنه لا يجوز لإدارة الملكية العقارية ابتداء من تاريخ التنصيص على مضمون المطلب بالرسم العقاري، مباشرة أي عملية في موضوعه، وعليها أن توجه إلى المحكمة العقارية المطالب المقدمة إليها في نفس الموضوع، مع بيان تاريخ ورودها حسب التنصيصات المبينة بالدفتر.

 أما إذا استجاب مطلب الاعتراض التحفظي لجميع هذه الشروط، وكان مصحوبا بكل المؤيدات اللازمة ولم يتم رفض ترسيمه بالنظر إلى وجود الموانع القانونية المذكورة، فإنه يقع قبول ترسيمه، وينتج أثر كاملا، وهو المتمثل في منع بعض الصكوك اللاحقة له بالسجل العقاري. ذلك إن الفقرة الأولى من الفصل 328 من م.م.م.ت. نصت على أنه لا يجوز ابتداء من تاريخ ترسيم الاعتراض التحفظي ترسيم أي تفويت غير البيع الواقع إثر عقلة، أو أي رهن اختياري وغيره من الحقوق الشخصية، أو أية وصية، أو أي عقد تسويغ، أو أي توصيل أو إحالة يتعلقان بمعين كراء ربع أو أرض فلاحية غير حال وعليه فإن ترسيم الاعتراض ينجر عنه مبدئيا منع كل ترسيم لأي حق عيني، أو شخصي، وذلك طوال مدة سريانه، وهي عامان بداية من تاريخ الترسيم، باستثناء البيع الواقع إثر عقلة. وهو ما يعبر عنه الفقهاء "بالمفعول التجميدي للاعتراض التحفظي" الذي يتضمن ثلاثة عناصر:

رسيم، يمكن تصنيفها ضمن ثلاث أصناف :

² أولا: الهدف المزدوج للعقلة، وهو عزل عقار المدين عن بقية أمواله، وتقييد سلطاته عليه.

² ثانيا: مجال المفعول التجميدي، وهو منع التصرفات القانونية والأعمال المادية التي من شأنها إخراج هذا المال أو ثماره من ضمان الدائن أو التنقيص من قيمته

² ثالثا: جزاء مخالفة هذا المنع، وهو انعدام أي أثر للتصرف غير أن لقاعدة المفعول التجميدي هذه استثناءات، منها ما ورد بنص صريح ومنها ما ورد بنص ضمني. فأما عن الاستثناءات الواردة بنص صريح فهي كالآتي:

Œ الاستثناء الوارد بالفقرة الأولى نفسها من الفصل 328 م.م.م.ت. التي جاءت بقاعدة التجميد، إذا نصت على أنه لا يجوز ابتداء من تاريخ ترسيم الاعتراض التحفظي، ترسيم أي تفويت غير البيع الواقع إثر عقلة أي غير التبتيتفهذا الصنف من التفويت يبقى قابلا للترسيم العقاري بالرغم من وجود إعتراض تحفظي.

الاستثناء الوارد بالفقرة الثانية من نفس الفصل 328 من م.م.م.ت. المذكور التي نصت على أن الاعتراض على عقار مشاع لا يحول دون ترسيم القسمة أو بيع الصفقة إلا إذا كان متعلقا بحقوق جميع المتقاسمين. أما إذا كان متعلقا بالمناب المشاع لأحد الشركاء فقط فإنه يقوم مقام الاعتراض الذي نص عليه الفصل121 من م.ح.ع. ويحمل عند الاقتضاء على الجزء من العقار الذي جاء في حصة المدين حتى تترتب عليه آثاره. فترسيم الاعتراض ينقل في هذه الحالة على الرسم العقاري الذي تم إحداثه.

Ž الاستثناء الذي ورد بالفصل 369 من م.ح.ع. الذي تضمن أن قيد الدعاوى وعقود المغارسة بالسجل العقاري قيدا احتياطيا يمكن أن يتم النظر عن وجود اعتراض، أو عقلة، أما قيد غيرها قيدا احتياطيا، فلا يمكن أن يتم إلا إذا كان الرسم خاليا من كل اعتراض أو عقلة. ومعنى هذا أن الاعتراض التحفظي لا يحول دون ترسيم القيد الاحتياطي للدعوى لعقد المغارسة، بينما يحول دون ترسيم غيرهما من القيود الاحتياطية الأخرى المتعلقة مثلا بالوعد البيع أو غيرها.

الاستثناء الوارد بالفصل 293 من م.ح.ع. الذي نص على أنه:"إذا ما اتضح سبق ترسيم اعتراض تحفظي فإنه خلافا لما تقتضيه قواعد هذا الاعتراض يمكن للمالك الجديد ترسيم ملكيته بعد أن يقوم بتوجيه الإعلام المنصوص عليه بالفصل السابق إلى صاحب الاعتراض بمقره المختار وإلى الدائنين الآخرين المرسمين. ولا يتم أي ترسيم آخر قبل إتمام إجراءات التطهير أو رفع اليد عن الاعتراض". والإعلام المذكور هو ذلك الذي يوجهه المالك الجديد إلى جميع الدائنين المرسمين على معنى الفصل 2.29 من م.ح.ع.

أما عن الاستثناءات بنص ضمني، فهي كالآتي:

Œ الاستثناء الذي يقرأ من الفصل 397 من م.ح.ع. الذي ينص على أن مدير الملكية العقارية يتولى الترسيم الاسمي لحقوق عينية ناتجة عن حلول تركة بعد إطلاعه على حجة الوفاة والمضمون من رسم الوفاة. إذ أن الورثة يحلون في الرسم محل المورث، وعليه فإن الاعتراض التحفظي ضد المورث لا يمنع من ترسيم وفاته.

الاستثناء الذي يؤخذ من الفصل 374 من م.ح.ع. الذي نص على أنه:"يجب التنصيص على نقل الرهن العقاري الواقع بطريقة الحلول أو بغيرها من الطرق بالرسم العقاري.ويخول هذا التنصيص للمحال له أو لمن حل محل غيره حق التصرف في الترسيم ورفع اليد عنه..." ومن تطبيقات هذا النص ما ورد بالفصل 12 من القانون عدد4 لسنة 1998 المؤرخ في  2فيفري 1998 ،والمتعلق بشركات استخلاص الديون، حيث أن إحالة الدين لفائدة هذه الشركات ينجر عنه وجوبيا انتقال ديون المحيل بما لها من توابع كالرهن.

Ž الاستثناء الذي نستشفه من الفصل 2 من القانون عدد 85 لسنة 1976 المؤرخ في 11أوت 1976 ،والمتعلق بمراجعة تشريع الانتزاع من أجل المصلحة العامة، كما وقع تنقيحه بالقانون عدد 26 لسنة 2003 المؤرخ في 14 أفريل 2003 ،حيث نص في فقرته الأخيرة على أن جميع الحقوق الموظفة على العقار المنتزع أو على الجزء المنتزع منع تنتقل إلى غرامة الانتزاع. فإذا ما كان هناك اعتراض تحفظي مرسم على العقار المنتزع، فإنه يتم تشطيب عليه عند ترسيم أمر الانتزاع، لأن مفعوله ينتقل إلى غرامة الانتزاع، وتنتقل ملكية العقار المنتزع إلى الإدارة المنتزعة "مطهرة من الاعتراض"

الاستثناء الذي نأخذه من الفصل 12 من القانون عدد34 لسنة 2001 ،المؤرخ في 10أفريل 2001 ،والمتعلق بتحيين الرسوم العقارية، الذي تضمن أن إدارة الملكية العقارية تتولى، خلال أسبوع من تاريخ اتصالها بنظير من مطلب التحيين الموجه إليها من كاتب المحكمة العقارية، التنصيص على مضمون المطلب بالرسم العقاري المعني.وهو تنصيص يدرج بالرسم العقاري بقطع النظر عن وجود اعتراض تحفظي من عدمه بالرسم العقاري المعني، فالفصل المذكور أوجب ذلك بكل رسم تعلق به مطلب تحيين.

الاستثناء الذي يقرأ من الفصل 35 من مجلة التهيئة الترابية والتعمير، كما تم تنقيحه بالقانون عدد78 لسنة 2003 المؤرخ في 29 ديسمبر 2003 ،الذي نص على أن المستفيد من حق الأولوية في الشراء في دائرة تدخل عقاري له طلب تقييد حقه احتياطيا بالرسم العقاري المعني، وهو تقييد يحول كما سنتعرض لذلك لاحقا دون ترسيم أية إحالة بالرسم العقاري المعني ابتداء من تاريخ إدراجه.وهذا التنصيص وجوبي بكل رسم عقاري لعقار كائن في دائرة التدخل العقاري المقررة، بقطع النظر عن وجود اعتراض تحفظي أم لا بذلك الرسم، وذلك:

² أولا: لأن الفصل 5 المذكور لم يميز بين رسم وآخر، بل أوجب التنصيص بكل رسم عقاري لعقار كائن في دائرة تدخل عقاري.

² ثانيا: لأن التقييد المستوجب ليس لا بتفويت، أو رهن، أو هبة، أو تسويغ، أو وصل على معنى الفصل 328 من م.م.م.ت.، بل هو مجرد تنصيص. وأخيرا نشير إلى أن الاعتراض التحفظي لا يمنع ترسيم رفع اليد بالتشطيب على التحمل موضوعها، وذلك "طالما أن تلك التشطيبات تخدم مصلحة صاحب الاعتراض، فتتفق بالتالي مع إرادة المشرع الهادفة إلى منحه أكبر قدر من الضمانات، وأقل مساس لهذا الترسيم بحقوق الدائن صاحب الاعتراض التحفظي، بل إنه يتفق مع مصلحته طالما أنه يوفر ما يمكن من فرص الحماية والاستخلاص" هذا إذن بالنسبة للاعتراض التحفظي كإجراء لحماية حقوق الغير، والذي قد يمنع إدراجه ترسيم الصكوك اللاحقة له بالسجل العقاري. فماذا عن الإجراء الثاني الذي يأتي حماية لحقوق الغير، وهو الإنذار القائم مقام عقلة عقارية؟.

 الإنذار القائم مقام عقلة عقارية.

 

على عكس الاعتراض التحفظي الذي هو إجراء تحفظي، فإن الإنذار القائم مقام عقلة عقارية هو إجراء تنفيذي على العقار المسجل للمدين، هذا الإجراء الذي يستوجب لقبول ترسيمه على غرار قبول ترسيم الاعتراض التحفظي بالسجل العقاري إستيفاء شروط محددة، كما أنه يجب أن يكون مصحوبا بمؤيدات حتى يتم قبول ترسيمه، حيث قد ينجم عن ذلك الترسيم أثر منع أي ترسيم جديد، وذلك ما عدا في حالات استثنائية. نظرا إلى أن العقلة التنفيذية للعقارات المسجلة لا تجري إلا بإنذار يبلغ إلى المدين بواسطة محضر يحرره عدل منفذ طبقا لما جاء بالفصل 452من م.م.م.ت، فإنه من الضروري أن يقدم طالب ترسيم الإنذار القائم مقام عقلة عقارية إلى إدارة الملكية العقارية مع مطلبه المحضر المذكور، وذلك سواء كان أصلا، أو نسخة مشهودا بمطابقتها للأصل، كما يجب أن يكون مسجلا لدى القباضة المالية، على غرار الصكوك الأخرى المقدمة للترسيم. هذا كما يشترط طبقا لما جاء بالفصل 43 من م.م.م.ت تقديم مطلب ترسيم الإنذار إلى إدارة الملكية العقارية في أجل 90 يوما من تاريخ توجيه الإنذار إلى المدين، وإلا ألغي العمل به.

أما إذا وقع تقديم طلب ترسيم الإنذار دون تقديم المحضر، أو بعد الأجل المضروب، فإن ذلك يعد مانعا لترسيم الإنذار بالسجل العقاري. وتجري العقلة التنفيذية طبقا لما جاء بالفصل 41 من م.م.م.ت بواسطة إما سند مرسم، أو سند تنفيذي. فإذا كان السند المعتمد عليه سندا مرسما، فإنه يكفي أن يتم التنصيص عليه بمحضر الإنذار. وإذا كان السند المعتمد عليه سندا تنفيذيا، فإنه يتوجب الإدلاء بنسخة من هذا السند، تنفيذية أو مجردة، نسخة أصلية أو مشهودا بمطابقتها للأصل. ويمكن أن يكون هذا السند:

×حكما أو أمرا بالدفع قابلا للتنفيذ، أي نهائي الدرجة، أو مقضيا بتنفيذه استعجاليا أو وقتيا، أو ابتدائيا لم يقع استئنافه حسب شهادة في عدم الاستئناف تصطحب السند.حيث تتجه هنا الإشارة إلى مقتضيات الفقرة الثانية من الفصل 317 من المجلة التجارية التي تنص على إمكانية استصدار أمر بالدفع ضد قابل الكمبيالة ينفذ بعد 24 ساعة من الإعلام به، وبقطع النظر عن الاستئناف، فهذا السند ينفذ حالا دون حاجة إلى شهادة في عدم الاستئناف.

× بطاقة تنفيذية، وهي بطاقة جبر أو بطاقة إلزام لاستخلاص ديون عمومية، تكون صادرة عن محاسبي الدولة، أو المؤسسات العمومية الإدارية، أو الجماعات المحلية طبقا لما نص عليه الفصل 26 من مجلة المحاسبة العمومية. ونشير هنا إلى أن بطاقة الإلزام يأذن بتنفيذها وزير المالية، أو من ينوبه، في حين يحلي رئيس المحكمة الابتدائية المختصة بطاقة الجبر بالصيغة التنفيذية.

×بطاقة إلزام صادرة عن المكلف العام بنزاعات الدولة، أو عن قابض المالية المكلف من طرفه باستخلاص الديون الراجعة له بالنظر، طبقا لأحكام الفصلين 5 و6 من القانون عدد 13 لسنة 1988 ،المؤرخ في 07 مارس 1988.

×حكم التحكيم الصادر سواء بتونس أو بالخارج، على أن يكون له نفوذ الأمر المقضي به، عملا بأحكام الفصول 31 ،32 ،79 وما بعده من مجلة التحكيم.

إن عدم إدلاء الدائن بإحدى السندات التنفيذية المذكورة يمنع ترسيم الإنذار القائم مقام عقلة عقارية بالسجل العقاري. هذا كما يجب أن يكون موضوع السند التنفيذي المعتمد عليه في إجراء العقلة دينا متخلدا بذمة المدين المنذر لفائدة طالب العقلة، سواء كان هذا السند إذنا بالدفع، أو حكما مدنيا، أو جزائيا، أو قرارا صادرا من المحكمة الإدارية، أو بطاقة تنفيذية إلا في صورة واحدة تتمثل في أن المحكوم ضده، أو الملزم بالأداء، هو مورث المنذرين. ويجوز بالتالي تتبع ورثته، وترسيم الإنذار شريطة أن تكون وفاة المورث مرسمة بالسجل العقاري. كما يجب أن يكون المدين المنذر حسب محضر الإنذار، هو المحكوم عليه، أو من بين المحكوم عليهم، أو الملزمين لفائدته، أو طالب الاستخلاص حسب بطاقة تنفيذية، حيث أنه من بعض الإشكالات التي قد تثار بمناسبة طلب ترسيم عقلة عقارية هي أن البعض قد يطلب ترسيم إنذار قائم مقام عقلة عقارية بناء على:

Œ حكم يقضي بأن العقار غير قابل للقسمة، ويأذن بتصفيقه وقسمة الأموال بين المستحقين. ففي هذه الصورة فإنه لا يمكن ترسيم إنذار قائم مقام عقلة عقارية نظرا إلى أن بيع العقار وتبتيته يجري بمقتضى الحكم المذكور دونما حاجة إلى ترسيم إنذار.

حكم قاضي بفلسة شركة أو أحد المستحقين يدلى به بمناسبة طلب ترسيم إنذار قائم مقام عقلة عقارية، وفي هذه الصورة لا يمكن ترسيم الإنذار نظرا إلى أن المالك المرسم المدين أصبح مفلسا، ولا يمكن أن يجري أمين الفلسة إنذارا قائما مقام العقلة العقارية ضد نفسه، أي أن يكون طالبا ومطلوبا في نفس الوقت، ولذلك فإن بيع هذا العقار وتبتيته يمكن إجراؤه دونما حاجة أيضا لترسيم الإنذار، وليس بوسع إدارة الملكية العقارية إلا أن تشهر بالسجل العقاري بطلب من المعنيين، وطبقا للفصل 372 من م.ح.ع. حكم الفلسة المذكور، وما يفيد تسمية أمين، أو أمناء للفلسة، حتى يمكن فيما بعد ترسيم ما قد يحصل من تبتيت احتراما لمفهوم التسلسل الوارد بالفصل 392 من م.ح.ع. غير أنه تعلق الأمر بطلب أحد الدائنين للشركة المفلسة، أو الشخص المفلس بناء على سند مرسم أو سند تنفيذي، ترسيم إنذار قائم مقام عقلة عقارية مبلغ إلى أمين الفلسة، لإنه يمكن قبو ترسيم هذا الإنذار بعد أن ترسم الفلسة والإدلاء بما يفيد تسمية أمينها أو أمنائها المنذرين.

Žحكم أو محضر جلسة يقضيان بحل الشركة تدعيما لمطلب ترسيم إنذار قائم مقام عقلة عقارية. وفي هذا السياق أيضا فإنه لا يمكن ترسيم إنذار، وكل ما يمكن إنجازه هو قبول إيداع وحفظ ما يفيد حل الشركة وتسمية مصفي لها حتى يرسم فيما بعد ما قد يقوم به المصفي من عمل يخص العقار موضوع الرسم المعني. وبالإضافة إلى ذلك وتطبيقا لأحكام الفصل 42 من م.م.م.ت. على محضر الإنذار أن يحتوي على بيانات وجوبية، يؤدي عدم التنصيص عليها إلى بطلان الإنذار، مما يحول مانعا أمام ترسيمه بالسجل العقاري. كما أن تضارب بعض البيانات الواردة بمحضر الإنذار مع بيانات الرسم العقاري يشكل أيضا مانعا لترسيم الإنذار بالسجل العقاري، وذلك تطبيقا لأحكام الفصل 390 من م.ح.ع. ولعل من أبرز هذه البيانات الوجوبية ما يلي:

×معرف الرسم العقاري المطلوب ترسيم الإنذار عليه: إذ يجب التنصيص بمحضر الإنذار على معرف ذلك الرسم المعني بترسيم الإنذار، غير أنه يمكن أن يكتفي بالتنصيص على عدد مطلب التسجيل سواء كان مسحيا أو اختياريا، ما دام ذلك العدد يؤدي إلى معرفة الرسم العقاري المطلوب ترسيم الإنذار عليه. أما إذا وقع التنصيص بمحضر الإنذار على معرف الرسم العقاري الأم، وكان العقار المقصود بالإنذار هو موضوع رسم مستخرج، فإن التنصيص على عدد القطعة أوعدد القطع المعنية بالإنذار يكفي لتخمين معرف الرسم العقاري المستخرجة.

أما في حالة عدم بيان عدد القطعة أو القطع المستخرجة، فإن ذلك يحول مانعا أمام ترسيم الإنذار بالسجل العقاري. هذا وقد يقع التنصيص بمحضر الإنذار على معرف رسم عقاري وقع تحويره بمعرف آخر، ويمكن آنذاك الأخذ بما جاء بالمحضر نظرا لأن معرف الرسم المحور يؤدي إلى معرفة الرسم الجديد. وبيان الرسم العقاري ضروري لترسيم الإنذار القائم مقام عقلة عقارية، ضرورة أنه على ضوءه يتبين ما إذا كان المدين المنذر مالكا مرسما أم لا، وما إذا كان يملك جميع العقار إن كان الإنذار يشمل جميع العقار، أو منابات منه إن كان يخص هذه المنابات، أو بعضها، أو قطعة منه، وذلك على غرار الصور التي تعرضنا إليها سابقا في الحديث عن الاعتراض التحفظي. وعلاوة على ذلك فإنه من الضروري أن تطابق البيانات الواردة بالسند المرسم، والسند التنفيذي البيانات الموجودة بمحضر الإنذار. فأما بالنسبة للسند المرسم، فإنه يجب أن يكون المدين الواقع إنذاره هو المدين المرهون عقاره سواء كان مدينا أصليا، أو ضامنا كافلا، وأن يكون طالب العقلة هو الدائن الراهن حسب الرسم العقاري، كما يجب أن يكون الرهن المرسم هو نفسه الرهن المنصوص عليه بمحضر الإنذار، حيث يعتمد على تاريخ ترسيم الرهن بالسجل العقاري المنصوص عليه بمحضر الإنذار، وإن لم يقع هذا التنصيص فيمكن اعتماد تاريخ إبرام كتب الرهن وتسجيله. وإذا كان المبلغ المطلوب المنصوص عليه بمحضر الإنذار يختلف عن المبلغ المنصوص عليه بالسجل العقاري فإن ذلك لا يشكل مانعا لترسيم الإنذار، إذ أن المبلغ المنصوص عليه بالسنة المرسم يمكن أن يرتفع تبعا للفوائض أو ينخفض تبعا خلاص أقساط منه، أو لأي سبب آخر يخص الطرفين، غير أنه لا بد من ذكر المبلغ المطلوب بمحضر الإنذار إذ هو من البيانات المشروط توفرها ضمن الفصل 452 من م.م.م.ت. وأخيرا فإنه قد لا يكفي استيفاء محضر الإعلام بالإنذار القائم مقام عقلة عقارية لشروطه، وتقديم جميع مؤيداتهم ومطابقة بيانه لكل من السند المرسم أو التنفيذي، حتى يقع قبول ترسيمه. إذ أنه يتم الأخذ بعين الاعتبار في ذلك بالترسيمات السابقة له بالسجل العقاري، وبالعمليات المعطلة عن الترسيم والسابقة لتقديمه. فإذا سبق مثلا ترسيم قيد احتياطي يخص ملكية المعقول عنه لدعوى أو لمغارسة، أو لوعد بيع، أو لإحالة مشروطة، أو لبيع قطعة مستخرجة، فإن هذه التقييدات لا تمنع ترسيم الإنذار، نظرا لأن كراس الشروط الذي يقدمه المحامي القائم بالتتبع وجب أن ينصص فيه على هذه التقييدات إن كانت مرسمة بالسجل العقاري، وذلك طبقا لأحكام الفصل 411 من م.م.م.ت، كما أن المحامي يقوم باستدعاء أصحاب هاته القيود لجلسة البتة طبقا لما جاء بالفصل 422 من م.م.م.ت. وكذلك الشأن بالنسبة للاعتراض التحفظي وعقود التسويغ. وإذا سبق ترسيم إنذار قائم مقام عقلة عقارية بالرسم العقاري من دائن آخر، فهو الآخر لا يمنع أيضا ترسيم إنذار جديد يخص المعقول عنه ويرسم بهامش أو أسفل الإنذار الجديد كل من الإنذار أو الإنذارات التي سبق ترسيمها، وذلك طبا لمقتضيات الفصل 455 من م.م.م.ت

أما إذا كان الإنذار السابق ترسيمه مرسما لفائدة نفس الطالب، ولم ينقضي بعد أجل سريانه، فإنه يكفي لترسيم الإنذار الجديد أن يطلب المنتفع من الإنذار السابق التشطيب عليه. وأخيرا فإنه إذا كان العقار المعقول عليه راجعا بالملكية إلى الدولة، أو الجماعات المحلية، أو المؤسسات الإدارية فإن ذلك يكون مانعا لترسيم الإنذار القائم مقام عقلة عقارية بما أنه لا يجوز عقلة مثل هذه العقارات.أما بالنسبة للعمليات المعطلة عن الترسيم فإنه من الضروري الرجوع إليها، وذلك للوقوف على مدى تعلقها بالمعقول عليه، وبموضوع العقلة. إذ قد يتضح مثلا أن المعقول عليه فوت في العقار موضوع الإنذار حسب عقد امتنعت إدارة الملكية العقارية على ترسيمه لأسباب لم تقع تسويتها. فما هو مآل الإنذار هنا؟

لا يمكن للعملية غير المسواة أن تمنع ترسيم الإنذار، غير أن إدارة الملكية درجت في مثل هذه الصورة على إعلام الشاري بترسيم الإنذار المسلط على مشتراة حتى يمكنه التداخل لدى المحكمة، أو الاعتراض بنشر قضية، ولو أن إجراءات بيع العقار بالتبتيت يقع إشهارها. هذا كما قد يتضح من عملية معطلة عن الترسيم أيضا، أن المعقول عنه لم يعد ماكلا للعقار بموجب حكم محرز على قوة ما اتصل به القضاء، توقف ترسيمه على أسباب شكلية. ففي هذه الصورة فإنه لا يمكن لإدارة الملكية العقارية التغافل عن هذا الحكم، ولو أن المستفيد منه لم يسع إلى تسوية عملية ترسيمه لسبب أو لآخر، ولذلك تمتنع إدارة الملكية العقارية عن ترسيم الإنذار القائم مقام عقلة عقارية، وتقوم بإعلام طالب ترسيمه بخروج الملكية من المعقول عنه بحكم قضائي. هذه إذن شروط ترسيم الإنذار القائم مقام عقلة عقارية، فماذا عن آثاره بعد قبوله؟

يترتب عن ترسيم الإنذار القائم مقام عقلة عقارية مبدئيا منع جميع الترسيمات اللاحقة له، وذلك طبقا لأحكام الفصل 453 من م.م.م.ت الذي ينص في فقرته الأخيرة على أنه:"لا يمكن أن يجري على العقار أثناء التتبعات أي ترسيم جديد يخص المدين المعقول عنه".غير أن هذا المنع للترسيم لا يجري على إطلاقه، بل ترد عليه الاستثناءات التالية:

Œ لاستثناء الوارد بالفصل 455 من م.م.م.ت الذي ينص على ترسيم الإنذار الجديد بالرغم من وجود ترسيم لإنذار سابق له.

الاستثناء الذي نستشفه من الفصل 369 من م.ح.ع. الذي ينص على أن قيد الدعاوى وعقود المغارسة قيدا احتياطيا يمكن أن يتم بقطع النظر عن وجود اعتراض أو عقلة، وعليه فإن وجود الإنذار لا يقف مانعا لإتمام ترسيم قيد الدعاوي وعقوق المغارسة.

Ž الاستثناء الذي يؤخذ من قراءة الفصل 456 منم.م.م.ت. الذي ينص على أن الإنذار المرسم يصير عديم المفعول إن لم تقع في الثلاثة أعوام الموالية لتاريخ ترسيمه بتة مرسمة بصفة قانونية، أو لم يصدر حكم بتمديد أجل البتة نص عليه بالرسم العقاري. وإلى جانب ذلك تنسحب هنا أيضا الاستثناءات المتعلقة بترسيم المقاسمة وترسيم الوفاة، وبالتشطيب على التحملات التي تعرضنا إليها سابقا في الحديث عن الاعتراض التحفظي، حيث أن الإنذار لا يمنع ترسيمها لنفس الأسباب التي لا يمنع الاعتراض التحفظي ترسيمها أيضا.

هذا كما يمكن وضع حد لمفعول الإنذار قبل انتهاء مدته بالتشطيب عليه، أو إذا ما أثبت المعقول عنه أن ما توفره له عقاراته مدة سنة يكفي لخلاص الدين، وأنه أناب الدائن العاقل لقبضه. ففي هذه الصورة تأذن المحكمة بإيقاف التتبعات وعلى المدين أن يدلي لإدارة الملكية العقارية بالإذن الصادر عنه حتى يتم التشطيب على الإنذار. هذا إذن بالنسبة للإجراءات الوقائية والتنفيذية المتعلقة بحماية مصلحة المدين، والتي كما رأينا قد تمنع عند التنصيص عليها بالرسم العقاري ترسيم الصكوك اللاحقة لها،

التنصيص على شرط إسقاط الحق بالنسبة للأراضي الدولية الفلاحية :

 إذا كان الملك العام للدولة غير قابل للتفويت فيه، فإن القانون سمح للدولة بالتفويت إلى الأفراد في ملكها العاري الخاص ذي الصبغة الفلاحية وذلك حسب شروط ضبطها، من بينها شرط الاستغلال المباشر للعقار المفوت فيه قصد تنمية طاقة إنتاجه، والمحافظة على وحدته العقارية وصبغته الفلاحية، وعدم التفويت فيه طيلة فترة الرقابة الإدارية ما لم يتم الترخيص في ذلك مسبقا من قبل الإدارة ذات النظر وهي شروط وردت بالقانون عدد 112 لسنة 1988 المؤرخ في 18 أوت 1988 والمتعلق بتنقيح القانون عدد 25 لسنة 1970 الممؤرخ في 19 ماي 1970 والمتعلق بضبط كيفية التوفيت في الأراضي الدولية ذات الصبغة الفلاحية. فإن خالف المفوت له ذلك ترتب للإدارة الحق في إسقاط حقه واسترجاع حقه واسترجاع ملكية العقار المفوت فيه، طبقا لشرط إسقاط الحق المنصوص عليه بالقانون المذكور، والذي يت إدراجه في عقد التفويت ويتم ترسيمه بالرسم العقاري المعني. وتطبيقا لما جاء بالقانون المذكور، ولمختلف النصوص المنظمة لعملية التفويت في أرض دولية فلاحية جاء بمذكرة العمل الصادرة عن مدير الملكية العقارية تحت عدد 13 بتاريخ 22 أفريل1994ما يلي:"...وقد حجر الفصل 6من القانون عدد 25 لسنة 1970 المؤرخ في 19 ماي 1970المتعلق بضبط كيفية التفويت في أرض دولية ذات صبغة فلاحية، كما وقع تنقيحه بالقانون عدد 112 لسنة 1988 المؤرخ في 18 أوت 1988 ،التفويت في الأراضي الدولية المسندة للمنتفعين جزئيا أو كليا إلا بترخيص مسبق من وزير الفلاحة ووزير أملاك الدولة والشؤون العقارية حاليا. ويستخلص من هذا الفصل أن الأراضي الفلاحية المسندة من الدولة طبقا للتشريع الجاري به العمل لا تقبل البيع مادامت خاضعة لشرط سقوط الحق، فهي إذن غير قابلة لترسيمرهون أو تحملات أخرى عليها...".وهو ما يعني أن التنصيص على شرط سقوط الحق المذكور بالرسم العقاري مانع لترسيم الصكوك اللاحقة لإدراجه كعقد البيع وعقد الرهن طبقا للقانون عدد 112 لسنة 1988 المذكور. هذا القانون الذي تم إلغاءه بالقانون عدد 21 لسنة 1995 المؤرخ في 13 فيفري 1995 المتعلق بالعقارات الدولية الفلاحية، حيث جاء بمذكرة عمل عدد 2 لسنة 1997 الصادرة عن مدير الملكية العقارية، تطبيقا للقانون الأخير:"...وبناء على ذلك فإنه لا يمكن ترسيم الرهون وكذلك محاضر الإنذار القائم مقام عقلة عقارية على العقارات الفلاحية المرسم عليها شرط سقوط الحق إلا بترخيص من وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية، أو بعد الاستظهار بكتب في رفع اليد عن هذا الشرط..."إذ حجر القانون عدد 21 لسنة 1995 في فصله الثاني التفويت في العقارات الفلاحية إلا في حالات التسوية والمعاوضة، ومنع على المشتري التفويت في الأرض الدولية الفلاحية فيما بعد إلى الغير طبقا لأحكام الفصل 23 منه، أو الوعد بالتفويت فيه كليا أو جزئيا خلال مدة لا تقل عن 20سنة من تاريخ التحويز، وحتى بعد انقضاء ذلك الأجل، فإنه لا يمكن التفويت في الأرض التي حافظت على صبغتها الفلاحية إلا بعد الاستظهار بشهادة في رفع اليد تسلم من الوزيرين المكلفين بالفلاحة وبأملاك الدولة، أما في حالة تغير الصبغة الفلاحية للأرض فيتوجب الاستظهار بشهادة في رفع اليد وفقا للتشريع المتعلق باستخلاص القيمة الزائدة العقارية. وفي كل الحالات فإن مشتري الأرض الفلاحية الدولية مطالب باحترام الشروط المذكورة طيلة مدة دفع الثمن، على أن لا تقل مدة الرقابة عن خمس سنوات، ولو تجاوزت مدة الحوز 20سنة. ونص الفصل 24 من نفس القانون على بطلان الأعمال المجراة والكتائب المحررة خلافا لأحكام الفصل 23 منه، غير أن تقسيم الأرض الدولية الفلاحية، أو التفويت فيها يمكن أن يتم بترخيص كتابي ومسبق من الوزيرين المكلفين بالفلاحة وأملاك الدولة، الذي يمنح بصفة استثنائية ولأسباب ضرورية، وإن تعلق الأمر بتفويت في الأرض الدولية الفلاحية فإن ذلك لا يتم إلا بعد توفر شرطين، وهما:

×إتمام قيام المفوت لع بجميع الواجبات المفروضة عليه مدة خمس سنوات على الأقل إبتداء من تاريخ التحويز 

×أن يلتزم المشتري بإنجاز الشروط المتفق عليها مع المفوت له في الأرض الدولية الفلاحية وأن يتحمل إلتزامات هذا الأخير، وذلك ما عدا في حالة ما إذا كان التفويت لفائدة الوكالات العقارية السياحية أو الصناعية أو السكنية، والجماعات المحلي، وكذلك وكالة الإصلاح الزراعي في المناطق السقوية العمومية إذا كان العقار موضوع التفويت ضروريا للتعويض في نطاق ذلك الإصلاح.كما يتم حسب أحكام الفصل 25 من القانون المذكور التنصيص في العقد على أن الإخلال بأحد الشروط المذكورة يتم إدراج شرط إسقاط الحق بالرسم العقاري المعني، ليحول مانعا أمام ترسيم الصكوك اللاحقة له كما رأينا ذلك سابقا، وهو ما تم تكريسه في مذكرتي مدير الملكية العقارية التي تعرضنا إليها أعلاه.

هذه الصكوك اللاحقة لإدراج شرط سقوط الحق بالرسم العقاري يمكن أن يكون تاريخ إبرامها داخل فترة الرقابة الإدارية كما يمكن أن يكون إثر إنقضاء تلك الفترة. والملاحظ أن مذكرتي مدير الملكية العقارية لم تميز بين الصورة التي تبرم فيها تلك الصكوك داخل فترة الرقابة أو الصورة التي تبرم فيها تلك الصكوك بعد إنقضاء تلك الفترة ففي حين ذهب البعض هنا إلى اعتبار المنع الوارد بالقانون مرتبط بتلك الفترة، وأنه إذا كان الصك مبرما خارج تلك الفترة فإنه يعد صحيحا وينتج آثاره، دون الحاجة إلى الحصول على شهادة في رفع اليد عن شرط سقوط الحق، وإن لم يكن خارجها، كان الصك باطلا بطلانا مطلقا طبقا لأحكام القانون المذكور، إذ أن تسليم شهادة رفع اليد عن شرط سقوط الحق يتطلب إحترام المنتفع بالإحالة لكافة شروط التفويت في العقارات الدولية الفلاحية بما في ذلك شرط الاستغلال المباشر بنية الإحياء، فإن ثبت للإدارة إثر القيام بأبحاث ميدانية عدم استغلال المنتفع بالإحالة كما ذكر، جاز لها اتخاذ قرار يقضيب إسقاط حقه، وإن لم تقم بتلك المراقبة إلى إنقضاء فترة الرقابة، تتعطل كافة "التصرفات القانونية عن الترسيم لعدم الإدلاء بشهادة رفع اليد، رغم إنعدام العلاقة بين شرط الاستغلال المباشر بنية الإحياء، وبين تلك التصرفات الواقعة خارج الرقابة الإدارية".ذلك يعتبر هؤلاء أنه آن الأوان للتخلي عن هذا الشرط المختلق، وإجازة الترسيم إذا ما ثبت أن الصك المقدم مبرم خارج فترة الرقابة، ضرورة أن حق الإدارة في الإسقاط محفوظ ما دام الشرط مرسما بالسجل العقاري مما يمكن الإدارة من مواجهة الكافة بقرار إسقاط الحق الذي قد تتخذه .هذا، في حين يرى البعض الآخر أن شرط سقوط الحق لا يزول بمرور الزمن فقط بل بتوفر جميع الشروط المتفق عليها بعقد إحالة الأرض الدولية والمستمدة من القانون. إذ أن ذلك الشرط لا ينعدم بمرور 5 ،10 ،20 سنة من تاريخ الإحالة بل إن ذلك الشرط يبقى نافذا إذا لم تنجز الشروط الأخرى التي لم يتم تقييدها بأجل كاستغلال الأرض مباشرة، والتعهد بعدم تجزئتها../.

مما سلف يتضح أن اكراهات المرفق العام تتأتى من صرامة النصوص القانونية المنطبقة سواء  منها المتعلقة بتحديد صور الحق والإجراءات المتبعة للحصول عليه من جهة والإكراهات المتاتية من طبيعة الإدارة كمرفق عام ملزم بآداء الخدمة بكامل السرعة والنجاعة لكونها الجهاز التنفيذي للدولة وواجهتها  فصرامة النصوص  القانونية المنطبقة خاصة فيما يتعلق بالاسباب المانعة للترسيم اصلا ومنها مطالب التحيين والانذار القائم مقام عقلة عقارية والاعتراض التحفظي وشرط سقوط الحق وهي من حيث المبدأ في الأصل تمنع آليا ترسيم الحق   إلى حين زوال المانع المذكور سواء بمرور الزمن أو بصدور حكم قضائي من الجهات المعنية بذلك الشرط أو المانع أو بصدور الترخيص الإداري من الجهة المستفيدة  عندما يتعلق الأمر على سبيل المثال بشرط سقوط الحق  ترخيص وزير أملاك الدولة ووزير الفلاحة  والذي يهمنا هو اظطرار الإدارة الى استعمال كل الوسائل القانونية المتاحة والسعي الى الاجتهاد في قراءتها والبحث عن جوانب المرونة فيها  بما يحقق المعادلة بين المصلحة العامة وحسن سير المرفق العام  من جهة دون أن  يكون ذلك سببا للمسؤولية المدنية والجزائية والإدارية للإدارة واتخذنا من مطلب التحيين نموذجا بصفته أولا مانع للترسيم  مبدئيا  الى جانب الأمثلة التي اتينا عليها كالانذار والاعتراض فاجتهاد الإدارة حين وجود تنصيص على مطلب تحيين بالرسم  وسعي أعوانها المختصين الى العمل على التثبت في مدى تعلق بمطلب التحيين بأطراف العقد أو  عدم تعلقه بمقاسمة 

وعليه فإن هذا التمشي نتج عنه من جهة مراعاة مصلحة المتعامل مع الإدارة بعدم تعطيله ومصلحة المحكمة العقارية  بعدم أثقال كاهلها بملفات تتطلب اشهرا وربما سنوات لدراستها وبذلك يتحقق التناسب بين مقتضيات المرفق العام  المتسم بالديمومة والحياد والاستمرارية  وضرورة احترم القوانين والتراتيب الجاري بها العمل  و"قبعة " القضاء التي تستعيرها إدارة الملكية العقارية هي اساسا قبعة الصالح العام وخدمة المرفق العام  والأصل التكامل بين الجهات القضائية والإدارية وكل المتداخلين في الشأن العقاري  قصد تثمين العقار ومن وراء ذلك تثمين الوطن لكون العقار مساهم في الترقيم السيادي للبلاد .


 
dourouby.tn






dourouby.tn

dourouby.tn

dourouby.tn

dourouby.tn


dourouby.tn

dourouby.tn

dourouby.tn

dourouby.tn




dourouby.tn

ليست هناك تعليقات

-- --