-->

بسم الله والصلاة والسلام على من بعث رحمة للعالمين

اخر المواضيع

التوكيل



dourouby.tn


التوكيل



 التوكيل


إعداد : نوفل بن عثمان 
متفقد رئيس ورئيس مصلحة 
بالديوان الوطني للملكية العقارية بسوسة 


dourouby.tn

 



 يطرح التوكيل مسائل قانونية هامة خصوصا أمام كثرة استعمال التواكيل في حياتنا اليومية ولابد من التوضيح بأن التوكيل نوعان: إما عام أو خاص ويمكن ان يكون التوكيل مفوضا أي أن الموكل يمنح الوكيل سلطات تفويض الوكالة او جزء منها لشخص آخر.

والفرق بين التوكيل العام والتوكيل الخاص هو موضوع التوكيل ذاته، حيث ان التوكيل الخاص يكون محددا في الموضوع فيسند بمقتضاه الموكل بعض السلطات المحدودة والمضبوطة للوكيل الذي لا يمكنه تجاوز حدود الوكالة في مستوى الصلاحيات التي فوضها له الموكل، كأن يكون مثلا توكيلا خاصاً في بيع عقار معين فلا يمكن للوكيل استعمال التوكيل فيما عدا بيع هذا العقار وينقضي التوكيل بانتهاء موجبه أي ببيع ذلك العقار وكذلك التوكيل في الزواج فهو توكيل خاص يحرر وجوبا لدى عدل إشهاد بمقتضاه يمكن لاحد الزوجين أن يوكل شخص آخر لإمضاء عقد زواجه من شخص معين بمهر معين وعلى نظام الأملاك الزوجية المحدد صلب هذا التوكيل، فلا يمكن للوكيل على الزواج ان يستعمله في غرض آخر عدا إبرام الزواج المحدد بتلك الشروط المحددة صلب التوكيل. ونجد ايضا التوكيل على الخصام الذي يكون موضوعه الخصام في نازلة معينة فهو توكيل خاص لا يمكن استعماله في غير ما حدد له.

وأما التوكيل العام فهو أشمل من حيث الموضوع أي أن الموكل يمنح للوكيل سلطات مطلقة لينوبه في جميع أموره وشؤونه أي ليمثله لدى جميع الإدارات والمؤسسات والجهات العامة والخاصة لقضاء مصالحه وله حق الإمضاء في حقه والتكلم باسمه ونيابته مطلقا. 

إلا ان القانون التونسي صلب الفصل 1120 من مجلة الإلتزامات والعقود نص صراحة على أن: "الوكيل المفوض مهما أطلقت يده ليس له أن يفعل ما يأتي إلا بنص صريح: توجيه اليمين الحاسمة للنزاع والإقرار لدى قاض والجواب في أصل الدعوى وقبول حكم أو الإسقاط فيه والصلح والتحكيم والإبراء من دين والتفويت في عقار أو في حق عقاري وتوظيف رهن عليهما وفسخ رهن لموكله على الغير ورهن منقول والتسليم في توثقة إلا بخلاص الدين والتبرع وبيع محل تجارة بما فيه أو شراؤه والشروع في تصفيته وعقد شركة. كل ذلك ما لم ينص القانون على خلافه."

يبدو واضحا أن الفصل تضمن استثناءا هاما لمبدأ إطلاق اليد في التوكيل العام حيث أن التوكيل العام المفوض ـ ولئن شاع الفهم لدى العامة بأنه مطلق ويخول لصاحبه فعل كل شيء ـ إلا ان هذا الفهم الشائع غير صحيح لأن الفصل المذكور استثنى عديد الأمور من صلاحيات الوكيل العام مهما أطلقت يده في التوكيل العام المسند له وهذه الأمور المذكورة صلب الفصل تستوجب إما توكيلا خاصا في شأنها أو التنصيص عليها صراحة صلب التوكيل العام. 

فلا يمكن إبرام بيع عقار بتوكيل عام لا ينص صراحة على إسناد الموكل لصلاحيات بيع هذا العقار صلب التوكيل. فلا تكفي عبارة مطلقة صلب التوكيل كالتصرف في الممتلكات للقيام بالبيع لان البيع والتفويت عموما لا يمكن ان يكون من أعمال التصرف، نفس الشأن بالنسبة للشركات فإن وكيل الشركة مهما أطلقت يده في التصرف في أمور الشركة فلا يمكنه ان يفوت في عقارات الشركة إلا بتفويض خاص من الجلسة العامة للشركاء او التنصيص صراحة على إمكانية التفويت من طرفه صلب العقد التأسيسي للشركة.


فمثلا لا يمكن التفويت في مناب الشقيقة بالبيع بمقتضى توكيل عام مسند لشقيقها طالما أن هذا التوكيل لم يذكر فيه صراحة أن له الحق في بيع العقارات الراجعة لها وقبض الثمن والإبراء منه. 

والتوكيل ينتهي بعزل الوكيل وقد ضمن المشرع للموكل الحق في عزل وكيله متى شاء وفق الفصلين 1157 و 1160 من مجلة الإلتزامات و العقود وقرار العزل لا يكون حجة على الغير إلا إذا حصل العلم بذلك. 

dourouby.tn

 

وللوكيل أن يتخلى عن الوكالة (الإستقالة) بشرط إعلام الموكل وأن يتخذ الوسائل اللازمة لحفظ مصالح موكله حفظا تاما.

 فيحق للموكل عزل موكله كما يحق للوكيل التخلي عن الوكالة لكن ذلك وفق شروط حددها القانون حتى لا ينجر عن التخلي والعزل تعسف في استعمال الحق. 

فالتوكيل ـبرغم خطورته احيانا وبرغم ما يطرحه من مسائل قانونية هامة ـ إلا أن المشرع التونسي ـ ولئن نظمه تشريعيا ـ إلا أنه أهمله في مستوى إجراءات تحريره، فنجد كل من هب ودب يحرر توكيلا وربما يكون موضوع هذا التوكيل بيع عقارات بمئات الملايين ويكون ذلك بمجرد توكيل محرر بخط اليد احيانا وبمجرد التعريف بالإمضاء، فالأطراف يحررون نص التوكيل بأنفسهم من غير دراية وكثيرا ما ترفض هذه التواكيل عند استعمالها بسبب النقص أو الأخطاء التي يمكن أن تتضمنها. 

فالتوكيل سواء كان خاصا أو عاما يخضع لشروط وبيانات وجوبية كالهوية الكاملة للطرفين وليس فقط الاقتصار على ذكر الاسم واللقب دون ذكر كامل السلسة النسبية ولابد من ذكر بقية البيانات للوكيل والموكل كتاريخ الولادة والعنوان والمهنة ورقم بطاقة التعريف الوطنية تجنبا لعمليات التحيل الممكنة لتشابه الأسماء، ولابد من تحديد موضوع التوكيل صراحة خصوصا إذا تعلق موضوعه بإحدى المسائل المذكورة أعلاه والتي جاءت بالفصل 1120 م أ ع المشار إليه. 

ولقد حان الوقت في إطار توازي الإجراءات ان يتدخل المشرع التونسي ويوجب شكلية تحرير التوكيل وجوبا عن طريق عدل إشهاد أو محامي أو إدارة الملكية العقارية ضمانا لاستقرار المعاملات وحفاظا على حقوق الموكل والوكيل وبقية المتعاملين على التوكيل، خصوصا وأن القانون أوجب تحرير عقود بيع العقارات عن طريق عدل إشهاد اومحام أو إدارة الملكية العقارية في حين أنه لم يوجب ذلك في تحرير توكيل بيع العقارات وهو ما يتعارض مع مبدأ توازي الإجراءات والشكليات.



dourouby.tn

ليست هناك تعليقات

-- --